للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما العلامة العيني (١) فإنه قد مالَ إلى رأي المهلب الذي سبق في كلام الحافظ، فإنه ذكر قول المهلب في الغرض من الترجمة، وسكت عليه، فكأنه رضي به.

ثم اعلم أنه يستفاد من كلام بعض الشرَّاح أن غرض المصنف بهذا الباب وأحاديثه بيان مسألة الإجماع، ففي "الفيض" (٢): "باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -. . ." إلخ، شرع في بيان حجية الإجماع، لا سيما إجماع أهل الحرمين، انتهى.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن هذا الباب ليس من باب الإجماع، بل يأتي مسألة الإجماع قريبًا في "باب قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا. . .} " إلخ [البقرة: ١٤٣]، بل الغرض عندي من هذا الباب الإشارة إلى اختلافهم في وجوه ترجيح الروايات بعضها على بعض، وإليه يظهر ميل شيخ الهند مولانا محمود الحسن قُدِّس سرُّه رئيس المدرسين في دار العلوم بديوبند ففي تقريره كما حكاه مولانا مشتاق أحمد البنجابي: لما كان غرض المؤلف من هذا الكتاب بيان قواعد الشرع كيف نعلم؟ قال: اعتصموا بالكتاب والسُّنَّة، فهو الآن في هذا الباب يبين قاعدة كلية؛ لأن المسائل إذا تعارضت فينظر إلى اتفاق أهل العلم وإجماعهم، ثم بعد ذلك ينظر إلى عمل أهل الحرمين فيرجح ما اتفقوا عليه، انتهى.

قلت: قال الحازمي (٣) في جملة وجوه الترجيح: الرابع عشر: أن يكون إسناد أحد الحديثين حجازيًا وإسناد الآخر عراقيًا أو شاميًا، سيما إذا كان الحديث مدني المخرج؛ لأنها دار الهجرة ومجمع المهاجرين والأنصار، والحديث إذا شاع عندهم وذاع وتلقوه بالقبول مَتُنَ وقوي، وكان الشافعي رحمه الله تعالى يقول: كل حديث لا يوجد له أصل في حديث الحجازيين واهٍ، وإن تداولته الثقات، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ٥٣٩).
(٢) "فيض الباري" (٦/ ٥٣٤).
(٣) "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" (ص ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>