للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات، ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم.

قال ابن العربي: واتفقوا على أنه لا يشترط أن يكون غنيًا، والأصل قوله تعالى: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة: ٢٤٧]، واتفقوا على اشتراط الذكورية في القاضي إلا عن الحنفية، واستثنوا الحدود، وأطلق ابن جرير، وحجة الجمهور الحديث الصحيح: "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، انتهى.

وفي "حاشية البجيرمي" (١) من فروع الشافعية: ولا يجوز أن يلي القضاء إلا من استكمل فيه خمس عشرة خصلة: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، والعدالة، ومعرفة أحكام الكتاب والسُّنَّة، ومعرفة الإجماع والاختلاف، ومعرفة طرق الاجتهاد، ومعرفة طرف من لسان العرب، ومعرفة تفسير كتاب الله تعالى، وأن يكون سميعًا، وبصيرًا، وأن يكون كاتبًا، والخامسة عشرة أن يكون متيقظًا، انتهى.

وفي "البدائع" (٢) من فروع الحنفية: الصلاحية للقضاء لها شرائط: منها: العقل، ومنها: البلوغ، ومنها: الإسلام، ومنها: الحرية، ومنها: البصر، ومنها: النطق، ومنها: السلامة عن حد القذف؛ لأن القضاء من باب الولاية بل هو أعظم الولايات، وهؤلاء ليست لهم أهلية أدنى الولايات، وهي الشهادة، فلأن لا يكون لهم أهلية أعلاها أولى، وأما الذكورة فليست من شرط جواز التقليد في الجملة؛ لأن المرأة من أهل الشهادات في الجملة إلا أنها لا تقضي بالحدود والقصاص؛ لأنه لا شهادة لها في ذلك، وأهلية القضاء تدور مع أهلية الشهادة.

وأما العلم بالحلال والحرام وسائر الأحكام فهل هو شرط جواز التقليد؟ عندنا ليس بشرط الجواز بل شرط الندب والاستحباب، وعند


(١) "حاشية البجيرمي" (٤/ ٣٧٩ - ٣٨٠).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ٤٣٨، ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>