للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الردة، ثم قال: وأشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث الذي أورده.

قال العيني (١) في شرح ترجمة الباب: وهذا مختلف فيه، فمن أبى أداء الزكاة وهو مقرّ بوجوبها، فإن كان بين ظهرانينا ولم يطلب حربًا ولا امتنع بالسيف، فإنها تؤخذ منه قهرًا، وتدفع للمساكين، ولا يقتل، وإنما قاتل الصديق - رضي الله عنه - مانعي الزكاة؛ لأنهم امتنعوا بالسيف ونصبوا الحرب للأمة، وأجمع العلماء على أن من نصب الحرب في منع فريضة أو منع حقًّا يجب عليه لآدمي وجب قتاله، فإن أبى القتل على نفسه فدمه هدر.

وأما الصلاة فمذهب الجماعة أن من تركها جاحدًا فهو مرتد فيستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك جحد سائر الفرائض، واختلفوا فيمن تركها تكاسلًا، إلى آخر ما ذكر من المذاهب، انتهى.

وقد ذكر الكلام مبسوطًا على شرح حديث الباب في مبدأ "كتاب الزكاة" من هامش "اللامع" (٢).

وتكلم الجصاص في "أحكام القرآن" (٣) تحت قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} الآية [التوبة: ٥]، على ما فعل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في مانعي الزكاة، وذكر فيه حكم تارك الصلاة والزكاة، والفرق بين من تركها فعلًا وأداءً، ومن تركهما جحدًا وإباءً، وغير ذلك من الأحكام، وقال: من ترك الصلاة عامدًا وأصرّ عليه، ومنع الزكاة جاز للإمام حبسه، فحينئذٍ لا يجب تخليته إلا بعد فعل الصلاة وأداء الزكاة، فانتظمت الآية حكم إيجاب قتل المشرك وحبس تارك الصلاة ومانع الزكاة بعد الإسلام حتى يفعلهما، انتهى.

وكلامه هذا صريح في أنه لا فرق عندنا بين مانع الصلاة ومانع الزكاة في هذا الحكم.


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ٢٠٢).
(٢) "لامع الدراري" (٥/ ٦ - ١٥).
(٣) "أحكام القرآن" (٣/ ٨٢، ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>