للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلفوا قضى على أهل المحلة بالدية، وقال الشافعي: لا تجب الدية لقوله عليه الصلاة والسلام: "تبرئكم اليهود بأيمانها"، ولنا أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بين الدية والقسامة في حديث سهل، وقوله عليه الصلاة والسلام: "تبرئكم اليهود" محمول على الإبراء عن القصاص، ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف، انتهى مختصرًا.

قوله: (فدفعه إلى أخي المقتول. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): معناه أن عمر دفع المدعى عليه بعد تمام الأيمان إلى أخي المقتول، فقرنت يده إلى يده لئلا ينفلت، انتهى.

وفي هامشه: ما أفاده الشيخ هو الحق الصواب، وهو المتعين من أن الضميرين في قوله: "يده بيده" يرجعان إلى القاتل وأخي المقتول، وهو ظاهر، والعجب من الشرَّاح قاطبةً أنهم زَلّت أقدامهم في شرح هذا الكلام إذ أرجعوا ضمير دفعه إلى الرجل الذي تم به الخمسون وفيه أوهام: الأوّل: أنه لا خصيصة لهذا الرجل من جملة خمسين رجلًا، والثاني: بقي التاسع والأربعون بدون القرين، والثالث: أنهم ارتكبوا المجاز في قوله: "انطلقنا والخمسون" بحمل خمسين على المجاز.

قال الكرماني (٢): فإن قلت: هم تسع وأربعون؟ قلت: مثل هذه الإطلاقات جائز من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، أو المراد الخمسون تقريبًا، انتهى.

والوجه الرابع: أنه يصح على هذا ما يأتي من قوله: "أفلت القرينان، فاتبعهما حجر فكسر رِجْلَ أخي المقتول" فإنه يصح على كلام الشيخ لا على كلام الشرَّاح؛ لأن القرينين على كلام الشرَّاح هو الرجل الذي جعلوه مكان الرجل الشامي، والثاني أخو المقتول، ولا وجه لبقاء هذا الرجل على كلامهم أنه كيف بقي من الهلاك؟ وقد هلك تسع وأربعون، وعلى كلام


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ١٨١، ١٨٢).
(٢) "شرح الكرماني" (٢٤/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>