للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصّ الشافعي: إن النذر مكروه، وكذا نقل عن المالكية، وجزم به عنهم ابن دقيق العيد، وأشار ابن العربي إلى الخلاف عنهم، وجزم الحنابلة بالكراهة، وعندهم رواية في أنها كراهة تحريم، وتوقف بعضهم في صحتها، انتهى.

قال القسطلاني (١): والذي رأيته في "شرح مختصر الشيخ خليل" للشيخ بهرام المالكي: أن النذر المطلق وهو الذي يوجبه الإنسان على نفسه ابتداء شكرًا لله تعالى مندوب، قال ابن رُشد: وهو مذهب مالك، وأما المكرر وهو ما إذا نذر صوم كل خميس أو كل اثنين أو نحو ذلك فهو مكروه، قال في "المدونة": مخافة التفريط في الوفاء به، إلى آخر ما قال.

ثم قال الحافظ (٢): قال ابن المنيِّر (٣): مناسبة أحاديث الباب للترجمة في قوله: "يستخرج به من البخيل"، وإنما يخرج البخيل ما تعين عليه إذ لو أخرج ما يتبرع لكان جوادًا، قلت: ويحتمل أن يكون البخاري أشار إلى تخصيص النذر المنهي عنه بنذر المعاوضة واللجاج بدليل الآية، فإن الثناء الذي تضمنته محمول على نذر القربة كما تقدم أول الباب، فيجمع بين الآية والحديث بتخصيصر كل منهما بصورة من صور النذر، فكأن البخاري رمز في الترجمة إلى الجمع بين الآية والحديث بذلك، انتهى ملتقطًا من "الفتح".

قوله: (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر) في هامش المصرية عن "شيخ الإسلام" (٤): علل بأن الناذر لما لم يبذل القربة إلا بشرط أن يفعل له ما يريد صار كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب، وإلى ذلك أشار بقوله: "إنه لا يرد شيئًا"، والنهي للتنزيه إذ لو كان للتحريم لبطل النذر، وسقط لزوم الوفاء به، ولا ينافي ذلك قول أصحابنا: إن النذر قربة، ولهذا لا تبطل به


(١) "إرشاد الساري" (١٤/ ١٢٣).
(٢) "فتح الباري" (١١/ ٥٨٠).
(٣) "المتواري" (ص ٢٣٠).
(٤) "تحفة الباري" (٦/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>