للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الثلاثة لا ينعقد أصلًا. وقوله: "فحلف أن لا يحملنا ثم حَمَلَنا" فعلم أن اليمين لم تكن منعقدة لعدم الإبل في ملكه حين الحلف. وقوله: "فرجع إلى مسطح النفقة" فعلم أن اليمين لم تكن منعقدة، قلنا: قد كفر، انتهى.

قلت: وهذا مبني على تبويب البخاري ومسلكه وإلا فالمسألة في الكفارة في هذه الأمور خلافية، وما أفاده الشيخ المكي من قوله: "قلنا: قد كفر" به جزم الصاوي على "الجلالين".

وأفاد العلامة الكرماني (١) في غرض الترجمة غير ما أفاده الشيخ المكي إذ قال: فإن قلت: كيف دلَّ الحديثان على الجزئين الأولين من الترجمة؟ قلت: لعله قاسهما على الغضب، فإن قلت: فما حكمهما هل ينعقد اليمين وتجب الكفارة فيهما؟ قلت: مختلف فيه، وميل البخاري إلى الانعقاد والوجوب حيث سلكهما في مسلك الغضب، انتهى.

وأما تفصيل مذاهب الأئمة في هذه الأمور الثلاثة ففي "الأوجز" (٢): قال الموفق (٣): أما نذر المعصية فلا يحل الوفاء به إجماعًا، ويجب على الناذر كفارة يمين، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وروي عن أحمد ما يدلّ على أنه لا كفارة عليه، وهو مذهب مالك والشافعي، انتهى.

وأما اليمين فيما لا يملك فقال العلامة العيني (٤): وفي "التوضيح" (٥): إذا حلف الرجل بعتق ما لا يملك إن ملكه في المستقبل، فقال مالك: إن عين أحدًا أو قبيلةً أو جنسًا لزمه العتق، وإن قال: كل مملوك أملكه أبدًا حر، لم يلزمه عتق، وكذلك في الطلاق إن عين قبيلة أو بلدةً أو صفة ما، لزمه الحنث، وإن لم يعين لم يلزمه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يلزمه


(١) "شرح الكرماني" (٢٣/ ١٢٣).
(٢) "أوجز المسالك" (٩/ ٥٧٠).
(٣) "المغني" (١٣/ ٦٢٤).
(٤) "عمدة القاري" (١٥/ ٧٢٤).
(٥) (٣٠/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>