للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت حديث الباب: وهذا الحديث حجة للجمهور في منع وصل الشعر بشيء آخر سواء كان شعرًا أم لا، يؤيده حديث جابر: "زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصل المرأة بشعرها شيئًا" أخرجه مسلم، انتهى.

وتعقبه العلامة العيني (١) إذ قال: هذا الذي قاله غير مستقيم؛ لأن الحديث الذي أشار به إليه الذي هو حديث معاوية لا يدلّ على المنع مطلقًا لأنه مقيد بوصل الشعر بالشعر، فكيف يجعله حجة للجمهور، فانظر إلى هذا التصرف العجيب، انتهى.

قلت: وهذا الإيراد من العلامة العيني ليس بصحيح، فإن حديث الباب حديث معاوية مروي بعدة طرق بألفاظ مختلفة بزيادة ونقصان، أخرجه بهذه الطرق الإمام مسلم في "صحيحه"، أشار إلى بعضها الحافظ أيضًا، وفي طريق من تلك الطرق: "وجاء رجل بعصىً على رأسها خرقة، قال معاوية: ألا وهذا الزور، قال قتادة: يعني ما تكثِّر به النساءُ أشعارَهن من الخرق" فمجموع طرق الحديث يدل لا محالة على ما قاله الحافظ، ثم المسألة خلافية شهيرة بسط الكلام عليها في "الأوجز" (٢).

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣) في "كتاب النكاح": قوله: "أنه قد لعن الموصلات" لا يقال: لو كان النهي مقيدًا بما إذا كان الوصل بشعر الإنسان لما أورده النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا؛ لأنا نقول: النهي عنه بصورة الإطلاق سدّ للباب، ويمكن أن يكون السؤال عن شعر الإنسان فقط، فلذلك أطلق الجواب، انتهى.

وفي هامشه: وهذا مبني على مذهب الحنفية والجمهور من أن المراد النهي عن وصل الشعر بالشعر، وبه جزم الإمام أبو داود في "سننه" إذ قال: قال أبو داود: تفسير الواصلة التي تصل الشعر بشعر النساء، وبه جزم الإمام


(١) "عمدة القاري" (١٥/ ١١٥).
(٢) "أوجز المسالك" (١٧/ ١٨ - ٢٢).
(٣) "لامع الدراري" (٩/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>