للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واضحًا في الدين يمشون عليه، كذا في "الجلالين" (١).

قال صاحب "الجمل" (٢): الشريعة والمنهاج عبارة عن معنى واحد، والتكرير للتأكيد، والمراد بهما الدين، وقال آخرون: بينهما فرق لطيف، وهو أن الشريعة التي أمر الله بها عباده، والمنهاج الطريق الواضح المؤدي إلى الشريعة، قال ابن عباس في تفسيرها: سُنَّة وسبيلًا، وقال قتادة: سبيلًا وسُنَّة، قال العلماء: وردت آياتٌ دالَّةٌ على عدم التباين، منها قوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} إلى قوله: {وَلَا تَتَفَرَّقُوا}، ومنها دالَّة على حصول التباين كما في آية: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، والجمع أن كل آية تدل على عدم التباين، فهي محمولة على أصول الدين من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فكل ذلك لم يختلفوا فيه الرسلُ، والآيات الدالة على التباين محمولة على الفروع، انتهى.

وفي "اللامع" (٣): ولا يبعد أن يقال: إن أثر ابن عباس ومجاهد في تفسير الآيتين مجموعهما حجة واحدة، وحاصلها: أن مجاهدًا فسَّر الآية بما حاصله اتحاد الأديان جملة، وفسَّر ابن عباس الآية الثانية بما حاصله: افتراق السنن والمناهج، وليست إلا الشرائع، فلا يمكن الجمع بين الآيتين إلا بإِهدار التفاوت في فروع الإيمان، وهي الأعمال، فعُلم أن الدين واحد غير أنه ينقص حسب ما فيه من نقص لقلة الأعمال، ويزيد حسب زيادة الأعمال، إلى آخر ما فيه.

{دُعَاؤُكُمْ} إيمانكم): ذكر في هامش النسخة الهندية قبل ذاك "باب"، قال القسطلاني (٤): وقع هنا في رواية أبي ذر وغيره لفظ "باب" بالتنوين، وهو ثابت في أصل عليه خط الحافظ قطب الدين الحلبي، لكنه ساقط في رواية الأصيلي وابن عساكر، وأيده قول الكرماني: إنه وقف على


(١) "الجلالين" (ص ١٤٥).
(٢) "الجمل" (٢/ ٢٣٣).
(٣) "لامع الدراري" (١/ ٥٤٤).
(٤) "إرشاد الساري" (١/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>