للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لئلا يتشعث ويقمل في الإحرام، وقد تقدم بسطه في الحج (١).

قلت: ولما كان التلبيد مما يصنع عادةً وقت الإحرام، ولذا فسّروه بأنه جعل المحرم في رأسه شيئًا من الصمغ كما تقدم، وَجَّه العيني (٢) ذكره ههنا فقال: وجه إيراد هذا الباب ههنا من حيث إن الأبواب الستة التي قبل هذا الباب كلها في أحوال الشعر، وتلبيد الشعر أيضًا من جملتها، انتهى.

قوله: (من ضفّر فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد) قال الحافظ (٣): حكى ابن بطال أنه بفتح أوله، والأصل: لا تتشبهوا فحذفت إحدى التائين، قال: ويجوز ضم أوله وكسر الموحدة والأول أظهر. ثم ذكر الحافظ في معنى الحديث احتمالين فارجع إليه لو شئت.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٤): قوله: "من ضفّر فليحلق. . ." إلخ، الظاهر أن الأمر للاستحباب، ومعنى العبارة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبّد رأسه وحلق فكان الأدب للملبّد الحلق، وكذلك هو أدب لمن تشبّه بالملبّد بالتضفير، ثم حثّ على اختيار الأعلى بترك الأدنى فقال: "لا تشبهوا بالتلبيد" بأن تضفروا بل حصِّلوا عينَ التلبيد، ثم أورد ابن عمر تأييدًا لقول أبيه: "إني رأيته - صلى الله عليه وسلم - ملبدًا"، وقيل في معنى العبارة: إن مفاد كلام عمر النهي عن التلبيد وما يشبهه وهو التضفير، غير أنه لم يذكرهما جميعًا للعلم بحال الأصل بذكر الشبه، فإذا كان التشبه بالتلبيد ممنوعًا كان عين التلبيد أولى بالمنع، والنهي مع ذلك تنزيه وأدب، وعلى هذا فكلام ابنه مسوق للردّ عليه حيث أثبت سُنِّية التلبيد فيكون التضفير ندبًا أيضًا لشبهه به لا منهيًا عنه، وما ذكرناه في معنى العبارة أولى، انتهى.

قلت: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه أوضح وأجود مما في الشروح، وذكر حاصله وحاصل كلام الشرَّاح في هامش "اللامع"، وأما قوله: "من لبّد


(١) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٣٦٠).
(٢) "عمدة القاري" (١٥/ ١٠٢)
(٣) "فتح الباري" (١٠/ ٣٦١).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ٦ - ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>