للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزاق بأتم منه عن الثوري عن داود بن أبي هند عنه قال: إذا فقد في الصف تربصت امرأته سنة، وإذا فقد في غير الصف فأربع سنين، وإلى قول ابن المسيب ذهب مالك لكن فرق بين ما إذا وقع القتال في دار الحرب أو في دار الإسلام، وفرق مالك بين من فقد في الحرب فتؤجل الأجل المذكور وبين من فقد في غير الحرب فلا تؤجل بل ينتظر مضي العمر الذي يغلب على الظن أنه لا يعيش أكثر منه، وقال أحمد وإسحاق: من غاب عن أهله فلم يعلم خبره لا تأجيل فيه وإنما يؤجل من فقد في البحر أو في الحرب أو نحو ذلك، وجاء عن علي: إذا فقدت المرأة زوجها لا تزوج حتى يقدم أو يموت، قال عبد الرزاق: بلغني عن ابن مسعود أنه وافق عليًا في أنها تنتظره أبدًا، وروي من طريق النخعي: لا تزوج حتى يستبين أمره، وهو قول فقهاء الكوفة والشافعي، كذا في "الفتح"، قال العيني: والكوفيون يقولون: لا يقسم ماله حتى يأتي عليه من الزمان ما لا يعيش مثله، وقال الشافعي: لا يقسم حتى يعلم وفاته، انتهى.

ثم قال القسطلاني: ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن الضالة كالمفقود فكما لم يزل ملك المالك فيها فكذلك يجب أن يكون النكاح باقيًا بينهما، وقد سبق الحديث مرات في اللقطة، انتهى.

قال صاحب "الفيض" (١) تحت ترجمة الباب: ويحكم عندنا بموته - أي: المفقود - بموت أقرانه ثم يجري الإرث في ماله، وفي "الهداية" (٢): إنه هو الأقيس وقد قدّره بعضهم بتسعين وغيره، وأما عند مالك فينتظر أربع سنين ثم يحكم بموته، وبه يفتي علماء زماننا، ونقل الشامي مذهب مالك ثم لم ينقل شرائطه عنده، والناس اليوم يفتون بمذهبه ولا يراعون شرائطه المدونة عندهم فهؤلاء لا يعملون بمذهبهم ولا بمذهبه، إلى آخر ما ذكره، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٥/ ٥٩٣، ٥٩٤).
(٢) "الهداية" (١/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>