للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفت الروايات عن الأئمة الأربعة في ذلك والمرجح عندهم ما في فروعهم، قال الموفق: إذا قال لزوجته: أنت عليّ حرام، وأطلق فهو ظهار، وأما إن نوى غير الظهار فالمنصوص عن أحمد أنه ظهار نوى الطلاق أو لم ينوه، وعده في "شرح الإقناع" للشافعية من ألفاظ الكناية قال البجيرمي: كناية إن قصد بها الطلاق وقع وإلا فلا، ومع عدم النية يلزمه كفارة يمين، وعدّه صاحب "الهداية" (١) من فروع الحنفية في الكنايات التي إذا نوى بها الطلاق كانت واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثًا كانت ثلاثًا، ثم قال في الإيلاء: وإن قال: أردت الظهار فهو ظهار عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: ليس بظهار إن قال: أردت التحريم أو لم أرد شيئًا فهو يمين يصير به مؤليًا.

وقال الباجي: الذي ذهب إليه مالك أنها في المدخول بها ثلاث نوى واحدة أو ثلاثًا، وإن زعم أنه لم ينو طلاقًا لم يصدق، وأما غير المدخول بها فإن مالكًا ينويه، وقوله: أردت واحدة ويحمله على الثلاثة إذا لم ينو عددًا، وفي "المحلى": قال عياض: المشهور عن مالك أنه يقع به ثلاث سواء كانت مدخولة بها أو لا لكن لو نوى أقل من ثلاث قبل في غير المدخول بها خاصة، انتهى.

وعده الدردير في ألفاظ تجب به الثلاث إلا أن ينوي أقل في غير المدخول بها.

والظاهر عند هذا العبد الضعيف أن الإمام البخاري مال في هذه المسألة إلى مذهب الإمام مالك كما يدل عليه الروايات الواردة في ذلك، لا يقال: إن المعروف من دأبه أن ميله يظهر من الآثار التي أورده في الباب، وههنا ذكر أولًا أثر الحسن وهو يشعر أنه مال إلى مذهب الشافعي فإن مسلك الشافعي موافق لأثر الحسن، وذلك لأن الإمام البخاري ذكر ههنا الأقوال المختلفة للعلماء ومن جملتها قول الحسن أيضًا.

وقال الحافظ (٢): الذي يظهر من مذهب البخاري أن الحرام ينصرف


(١) "الهداية" (١/ ٢٥٩).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>