للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتزويج الأب الثيب، وتزويج غير الأب البكر، وتزويج غير الأب الثيب، وإذا اعتبرت الكبر والصغر زادت الصور، فالثيب البالغ لا يزوجها الأب ولا غيره إلا برضاها اتفاقًا إلا من شذ كما تقدم، والبكر الصغيرة يزوجها أبوها اتفاقًا إلا من شذ كما تقدم، والثيب غير البالغ اختلف فيها فقال مالك وأبو حنيفة: يزوجها أبوها كما يزوج البكر، وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد: لا يزوجها إذا زالت البكارة بالوطء لا بغيره، والعلة عندهم أن إزالة البكارة تزيل الحياء الذي في البكر، والبكر البالغ يزوجها أبوها وكذا غيره من الأولياء، واختلف في استئمارها والحديث دال على أنه لا إجبار للأب عليها إذا امتنعت، وقد ألحق الشافعي الجد بالأب، وقال أبو حنيفة والأوزاعي في الثيب الصغيرة: يزوجها كل ولي فإذا بلغت ثبت لها الخيار، وقال أحمد: إذا بلغت تسعًا جاز للأولياء غير الأب نكاحها، وكأنه أقام المظنة مقام المئنة، وقال مالك: يلتحق بالأب في ذلك وصي الأب دون بقية الأولياء لأنه أقامه مقامه، انتهى.

وقال القسطلاني (١): وللعلماء في هذا المقام تفصيل واختلاف، فذكر نحو ما تقدم عن الحافظ، والظاهر من هذه الترجمة وكذا من الترجمة الآتية أن المصنف ذهب إلى المنع مطلقًا ولم يقل بالإجبار أصلًا ولم يذهب في المسألة إلى التفصيل المذكور التي اختارها الأئمة الأربعة، ويؤيد أيضًا ما سيأتي في كتاب الإكراه "باب لا يجوز نكاح المكره" ولم يذكر فيه تفصيلًا.

وحاصل الخلاف في هذه المسألة: أن الأئمة الأربعة أجمعوا على جواز إجبار البكر الغير البالغة، وكذا أجمعوا على عدم جواز إجبار الثيب البالغة، واختلفوا في إجبار الثيب الصغيرة يجوز عندنا ومالك لا عندهما، وكذا اختلفوا في البكر البالغة فلا يجوز عندنا ويجوز عند الأئمة الثلاثة،


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>