للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (لقول الله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤]. . .) إلخ، أي فدل على أن نكاحها قبل البلوغ جائز، وهو استنباط حسن لكن ليس في الآية تخصيص ذلك بالوالد ولا بالبكر، ويمكن أن يقال: الأصل في الأبضاع التحريم إلا ما دل عليه الدليل، وقد ورد حديث عائشة في تزويج أبي بكر لها وهي دون البلوغ، فبقي ما عداه على الأصل، ولهذا السر أورد حديث عائشة قال المهلب: أجمعوا أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر ولو كانت لا يوطأ مثلها لعموم قوله: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} فيجوز نكاح من لم يحضن من أول ما يخلق، وإنما اختلفوا في غير الآباء إلا أن الطحاوي حكى عن ابن شبرمة منعه فيمن لا توطأ وحكى ابن حزم عن ابن شبرمة مطلقًا أن الأب لا يزوّج بنته البكر الصغيرة حتى تبلغ وتأذن، وزعم أن تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وهي بنت ست سنين كان من خصائصه، ومقابله تجويز الحسن والنخعي للأب إجبار بنته كبيرة كانت أو صغيرة بكرًا كانت أو ثيبًا، انتهى من "الفتح" بزيادة من "العيني" (١).

وفي "فيض الباري" (٢): قوله: "فجعل عدتها ثلاثة أشهر قبل البلوغ" ومعلوم أنها لا تعتد إلا بعد النكاح ثم الطلاق، والظاهر أن الصغير لا ينكحه إلا أبوه فظهرت الترجمة، انتهى.

قلت: وسيأتي قريبًا "باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها" وقالت الشرَّاح كما سيأتي هناك: أي سواء كانتا صغيرتين أو كبيرتين، فعلى هذا الظاهر عندي أن يقال: إن غرض المصنف بهذه الترجمة الردّ على ابن شبرمة حيث لم يجوز نكاح الصغيرة التي لا توطأ مطلقًا، والغرض من الترجمة الآتية بيان مسألة الإجبار، قال العيني (٣) ههنا: قال صاحب "التلويح": وكأن البخاري أراد بهذه الترجمة الردّ على ابن شبرمة فإن الطحاوي حكى عنه أن تزويج الآباء الصغار لا يجوز ولهن الخيار إذا بلغن، قال: وهذا لم يقل به أحد غيره، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٩/ ١٩٠)، و"عمدة القاري" (١٤/ ٨٧).
(٢) "فيض الباري" (٥/ ٥٢٧).
(٣) "عمدة القاري" (١٤/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>