على ابن كثير، والذي يظهر أنها من جهة أن الآية المترجم بها تناسب ما استدل به ابن عيينة من حديث أبي مسعود، والجامع بينهما أن كلًّا من الآية والحديث يدل على الاكتفاء بخلاف ما قال ابن شبرمة، ولأبي عبيد من طريق الطيب بن سلمان عن عمرة عن عائشة:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث" فهذا اختيار أحمد وأبي عبيدة وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وثبت عن كثير من السلف أنهم قرءوا القرآن في دون ذلك.
قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرءوه هذرمة، والله تعالى أعلم، انتهى.
وقال القسطلاني (١) تحت حديث عبد الله بن عمرو: "فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك" وليس النهي للتحريم كما أن الأمر في جميع ما مر في الحديث ليس للوجوب، خلافًا لبعض الظاهرية، حيث قال بحرمة قراءته في أقل من ثلاث، وأكثر العلماء كما قاله النووي على عدم التقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوة إلى أن قال: وقد كان بعضهم يختم في اليوم والليلة، وبعضهم ثلاثًا، وكان ابن الكاتب الصوفي يختم أربعًا بالنهار وأربعًا بالليل، وقد رأيت بالقدس الشريف في سنة سبع وستين وثمانمائة رجلًا يكنى بأبي الطاهر من أصحاب الشيخ شهاب الدين بن رسلان ذكر لي أنه كان يقرأ في اليوم والليلة خمس عشرة ختمة، وثبتني في ذلك في هذا