للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أم المؤمنين) تغليبًا، وتدخل فيه النساء، ولكن صح عن عائشة - رضي الله عنها -: "أنا أمُّ رجالكم لا أمُّ نسائكم"، وهي باعتبار الشرافة والكرامة وتحريم نكاحهن لا في جواز الخلوة وتحريم نكاح بناتهن، كذا في "القسطلاني" (١)، لا يقال: إن الآية: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] قطعية، فلم تتناول جميع الأحكام؛ لأن الآية الأخرى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: ٥٣] تدل على إيجاب الحجاب، فالجمع بين الآيتين يدل على ما تقدم.

وقال ابن العربي في "أحكام القرآن" (٢): اختلف الناس هل هن أمَّهات الرجال والنساء، أم هنَّ أمَّهات الرجال خاصة؟

فقيل: ذلك عام في الرجال والنساء، وقيل: خاص للرجال؛ لأن المقصود بذلك إِنزالُهن منزلةَ أمهاتهم في الحرمة حيث يتوقع الحِلّ، والحِلّ غير متوقع بين النساء، فلا يحجب بينهن بحرمة.

وقد روي أن امرأة قالت لعائشة: يا أماه، فقالت: لستُ لكِ بأمٍّ، إنما أنا أم رجالكم، وهو الصحيح، انتهى.

وفي "الطحاوي" (٣) عن حكّام الرازي قال: قال أبو حنيفة: كان الناس لعائشة محرمًا، انتهى. (٤)

(كيف يأتيك الوحي) أجاب - عليه الصلاة والسلام - بالصورتين فقط، وقد قالوا: يأتي الوحي بسبعة أوجه أو أكثر، كما تقدم، وأجاب عنه في "اللامع" (٥) بأن الاقتصار على ذكر القسمين اقتصار على معظم أنواعه، أو يكون ذكر الأقسام الباقية أيضًا، ولكنه لم يذكرها بعض الرواة، وهذا مبني على


(١) "إرشاد الساري" (١/ ٩٧).
(٢) "أحكام القرآن" لابن العربي (٣/ ٥٤٢).
(٣) "شرح معاني الآثار" (٢/ ١١٦).
(٤) انظر: "الإجابة لما استدركته عائشة" (ص ١٣٢).
(٥) "لامع الدراري" (١/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>