للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء إما حسن إلى آخره ومن شدّد فإنه أراد والله أعلم جعلك معتدلًا معتدل الخلق، قال: وهو أجود القراءتين في العربية وأحبهما إليّ، وحاصل القراءتين: أن التي بالتثقيل من التعديل، والمراد التناسب، وبالتخفيف من العدل وهو الصرف إلى أي صفة أراد، انتهى كله من "الفتح" (١).

وقال العلامة العيني (٢): قوله: (ومن خفف) يحتمل أن يكون عطفًا على فاعل أراد، أي: ومن خفف أراد أيضًا معتدل الخلق، ولفظ: في أي صورة لا يكون متعلقًا به بل هو كلام مستأنف تفسير لقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: ٨]، والباقي ظاهر، انتهى.

قلت: وعلى ما أفاده العيني يلزم أن يكون معنى القراءتين واحدًا من غير فرق بينهما أعني اعتدال الخلق، وقد عرفت من كلام الحافظ الفرق بين المعنيين، وكذا ما قال العيني: إن قوله: {فِي أَيِّ صُورَةٍ} لا يكون متعلقًا به. . . إلخ، ليس كذلك كما عرفت في كلام الحافظ، فإن نقل عبارة الأصل المنقول عنه الذي هو مأخذ كلام البخاري، والله أعلم.

وفي هامش "اللامع" (٣) عن حاشية "الجمل": قرأ الكوفيون {عَدَلَكَ} مخففًا والباقون مثقلًا، فالتثقيل بمعنى جعلك متناسب الأعضاء، فلم يجعل إحدى يديك أو رجليك أطول، ولا إحدى عينيك أوسع، فهو من التعديل، وقراءة التخفيف يحتمل هذا، أي: عدل بعض أعضائك ببعض، ويحتمل أن يكون من العدول، أي: حرفك إلى ما شاء من الهيآت والأشكال والأشباه، انتهى. والمذكور ههنا في البخاري على ما أفاده الحافظ هو الاحتمال الثاني المذكور في عبارة "الجمل" كما لا يخفى، واختار العيني الاحتمال الأوّل، لكن لا يساعده سياق البخاري، ثم قال الحافظ (٤): لم يورد المصنف فيها حديثًا مرفوعًا، ويدخل فيها حديث ابن عمر المنبه عليه في التي قبلها، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٦٩٥).
(٢) "عمدة القاري" (١٣/ ٤٦٧).
(٣) "لامع الدراري" (٩/ ١٩١).
(٤) "فتح الباري" (٨/ ٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>