للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وقول الله - عز وجل -) بالرفع على حذف الباب عطفًا على الجملة؛ لأنها في محل الرفع، وكذا على تنوين "باب"، وبالجر عطفًا على "كيف" وإثبات "باب" بغير تنوين، والتقدير: باب معنى قول الله تعالى [كذا]، أو الاحتجاج بقوله تعالى كذا، ولا يصح تقدير كيفية قوله تعالى؛ لأن كلامه تعالى لا يكيَّف، قاله عياض، ويجوز الرفع على القطع وغيره، كذا في "الفتح" (١).

({إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا}) مناسبة الآية بالترجمة واضحة من جهة أن صفة الوحي إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم - توافق صفة الوحي إلى من تقدمه من النبيين، ومن جهة أن أول أحوال النبيين في الوحي بالرؤيا، كما رواه أبو نعيم في "الدلائل"، كذا في "الفتح" (٢)، أو التشبيه في وحي الرسالة فيكون بدؤه كبدء وحيهم، كذا في "اللامع" (٣)، أو احتراز عن وحي غير الرسالة، كما في قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: ٦٨] كذا في حاشية "اللامع" عن السندي، أو بيان لمرسِلِ الوحي وهو الله - عز وجل -.

فإن الوحي يتضمن ثلاثة أشياء: المرسِل، والواسطة، والمرسَل إليه، فهذا بيان للثلاثة، فللأول: أي مبدأ الوحي بقوله: إنا، وللثالث بقوله: إِليك، وللواسطة بقوله: كما أوحينا، فإن الوحي إلى الأنبياء كان عامًّا بواسطة الملَك.

وعندي التشبيه في جميع أنواع الوحي - من المنام والتكلم من وراء حجاب وغيرهما -، فالمعنى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى جميعهم بجميع أنواع الوحي.

وقال الكرماني (٤): ذكر البخاري الآية الكريمة؛ لأن عادته أن يستدل للترجمة بما وقع [له] من قرآن أو سُنَّة مسندة وغيرها، وأراد أن الوحي سُنَّة الله في أنبيائه.


(١) "فتح الباري" (١/ ٩).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٩).
(٣) "لامع الدراري" (١/ ٤٩١).
(٤) "شرح الكرماني" (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>