هكذا اقتصر على هذا القدر من هذه القصة، وقد أخرجه في التوحيد من وجه آخر عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"اتق الله وأمسك عليك زوجك" قال أنس: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاتمًا شيئًا لكتم هذه الآية، الحديث، وقد أخرج ابن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقًا واضحا حسنًا، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مولاه فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجها إياه، ثم أعلم الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد أنها من أزواجه، فكان يستحيي أن يأمر بطلاقها وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمسك عليه زوجه وأن يتق الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان قد تبنى زيدًا.
إلى أن قال الحافظ: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته منها هو المعتمد، انتهى.
وفي "الفيض"(١): قوله: " {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ} " واعلم أن القصص المنقولة فيه كلها أباطيل وترّهات، والذي صح عندنا من خبره أنه كان بين زيد وزينب منافرة فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يمسكها وينصحه بذلك وينهاه عن فراقها، وكان يضمر في نفسه أنه إن أسمعه ما يكره فإنه يتزوجها بنفسه؛ وذلك لأن زيدًا كان مطعونًا في نسبه وكانت زينب فيهم ذات نسب، وإنما رضيت بالتزوج منه لوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقط فلما أزمع زيد على أن يطلقها تحدث نفسه أن يكرمها بتزوجها جبرًا لهذا الإيحاش والهوان، وكان في تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها تلافيًا لما صدر منه على أتم وجه، غير أن تزوج امرأة