للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة، وبذلك جزم الإسماعيلي؛ لأن أبا هريرة أسلم بالمدينة، وهذه القصة وقعت بمكة، وابن عباس كان حينئذ إما لم يولد وإما طفلًا، ويؤيد الثاني نداء فاطمة؛ فإنه يشعر بأنها كانت حينئذ بحيث تخاطب بالأحكام، وقد قدمت في "باب من انتسب إلى آبائه" في أوائل السيرة النبوية احتمال أن تكون هذه القصة وقعت مرتين، لكن الأصل عدم تكرار النزول، وقد صرَّح في هذه الرواية بأن ذلك وقع حين نزلت، نعم وقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال: "لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ} جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني هاشم ونسائه وأهله فقال: يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم، يا عائشة بنت أبي بكر، يا حفصة بنت عمر، يا أم سلمة" فذكر حديثًا طويلًا، فهذا إن ثبت دلّ على تعدد القصة؛ لأن القصة الأولى وقعمت بمكة لتصريحه في حديث الباب أنه صعد الصفا، ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده من أزواجه إلا بالمدينة فيجوز أن تكون متأخرة عن الأولى، فيمكن أن يحضرها أبو هريرة وابن عباس أيضًا، ويحمل قوله: "لما نزلت جمع. . ." إلخ، أي: بعد ذلك، لا أن الجمع وقع على الفور، ولعله كان نزل أولًا {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فجمع قريشًا فعمّ ثم خصّ كما سيأتي، ثم نزل ثانيًا، "ورهطك منهم المخلصين" فخص بذلك بني هاشم ونسائه والله أعلم.

وفي هذه الزيادة تعقب على النووي حيث قال في "شرح مسلم": إن البخاري لم يخرجها أعني "ورهطك منهم المخلصين" اعتمادًا على ما في هذه السورة، وأغفل كونها موجودة عند البخاري في سورة تبت.

قوله: (لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}) زاد في تفسير تبّت من رواية أبي أسامة عن الأعمش بهذا السند "ورهطك منهم المخلصين" وهذه الزيادة وصلها الطبري من وجه آخر عن بهمرو بن مرة أنه كان يقرأها كذلك، قال القرطبي: لعل هذه الزيادة كانت قرآنًا فنسخت

<<  <  ج: ص:  >  >>