للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما، وسمي القرآن به لفصله بين الحق والباطل، وقيل: لأنه لم ينزل جملة واحدة ولكن مفروقًا مفصولًا بين بعضه وبعض في الإنزال، قال تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: ١٠٦]، وهي مكية، وفي آية منها اختلاف وهي قوله - عز وجل -: {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان: ٧٠] وقيل: فيها آيتان اختلف الناس فيهما فقيل: إنهما مدنيتان، وقيل: مكيتان، وقيل: إحداهما مكية والأخرى مدنية، وهما قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية [الفرقان: ٦٨]، وقوله: {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} الآية [الفرقان: ٧٠]، فالذي قال: إن الأولى مكية وهو سعيد بن جبير وهي قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ} إلى قوله: {مُهَانًا}، والثانية مدنية وهي قوله: {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، انتهى.

قوله: (قال الحسن: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا} [الفرقان: ٧٤] في طاعة الله) وصله سعيد بن منصور: حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن وسأله رجل عن قوله: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا} ما القُرّة، أفي الدنيا أم في الآخرة؟ قال: بل في الدنيا هي والله أن يرى العبد من ولده طاعة الله إلى آخره، وأخرجه عبد الله بن المبارك في كتاب البر والصلة عن حزم القطعي عن الحسن وسمى الرجل السائل كثير بن زياد.

قوله: (أن يرى حبيبه في طاعة الله) في رواية سعيد بن منصور: أن يرى حميمه، انتهى من "الفتح" (١).

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): إن المراد بالقرة في الآية هي القرة الحاصلة بطاعة الله تعالى، ثم استدل عليه بقوله: "وما شيء. . ." إلخ، انتهى.

وفي هامشه بعد ذكر ما تقدم من كلام الحافظ: وفي العيني ({قُرَّةَ أَعْيُنٍ}) بأن نراهم مؤمنين صالحين مطيعين لك، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٤٩١).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>