للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لولا أن الله وكّل بكم ملائكة يذبّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لَتُخُطِّفْتُمْ، وأخرج الطبري من طريق كنانة العدوي: أن عثمان سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عدد الملائكة الموكّلة بالآدمي فقال: "لكل آدمي عشرة بالليل وعشرة بالنهار: واحد عن يمينه، وآخر عن شماله، واثنان من بين يديه ومن خلفه، واثنان على جنبيه، وآخر قابض على ناصيته، فإن تواضع رفعه، وإن تكبر وضعه، واثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه إلا الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم -، والعاشر يحرسه من الحية أن تدخل فاه، يعني: إذا نام"، وجاء في تأويل ذلك قول آخر رجحه ابن جرير، فأخرج بإسناد صحيح عن ابن عباس في قوله: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} قال: ذلك ملك من ملوك الدنيا له حرس ومن دونه حرس، ومن طريق عكرمة في قوله: {مُعَقِّبَاتٌ} قال: المراكب، انتهى.

قوله: (فكذلك يميز الحق من الباطل) كتب الشيخ في "اللامع" (١): فيكون للباطل غوغاء كغليان القدر ثم ينفى كأنه لم يكن شيئًا مذكورًا، انتهى.

قال العيني (٢): ومعنى قول البخاري: "فكذلك" أي: فكما مَيَّز الله الزبد الذي يبقى من الذي لا يبقى ولا ينتفع به مَيَّزَ الحق الذي يبقى ويستمر من الباطل الذي لا أصل له ولا يبقى، انتهى.

وفي "الفتح" (٣): وهي ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد يقول: كما اضمحل هذا الزبد وصار لا ينتفع به كذلك يضمحل الباطل من أهله، وكما مكث هذا الماء في الأرض فأمرعت وأخرجت نباتها كذلك يبقى الحق لأهله، ونظيره بقاء خالص الذهب والفضة إذا دخل النار وذهب خبثه وبقي صفوه كذلك يبقى الحق لأهله ويذهب الباطل، انتهى.


(١) "لامع الدراري" (٩/ ١١٥).
(٢) "عمدة القاري" (١٣/ ٧٨).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>