للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): اختلف في المراد بالأعراف في قوله تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: ٤٦] فقال: (بياض في الأصل) (٢)، وعن أبي مجلز: هم ملائكة وكلوا بالصور ليميزوا المؤمن من الكافر، واستشكل بأن الملائكة ليسوا ذكورًا ولا إناثًا فلا يقال لهم: رجال، وأجيب بأنه مثل قوله في حق الجن: كانوا {يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: ٦] كذا ذكره القرطبي في "التذكرة"، وليس بواضح؛ لأن الجن يتوالدون، ولا يمتنع أن يقال فيهم الذكور والإناث بخلاف الملائكة، انتهى.

قوله: (وقال ابن عباس: ورياشًا المال) قال العيني (٣): ليس في كثير منِ النسخ لفظ "باب"، وأشار بقوله: "رياشا" إلى ما في قوله تعالى: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} قرأ الجمهور: {وَرِيشًا} وقرأ الحسن وابن عباس ومجاهد وغيرهم (ورياشا) وهي قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - رواها عنه عثمان، ثم إن البخاري فسَّره بالمال.

وقال ابن الأعرابي: الريش الأكل والرياش المال المستفاد، وقال ابن دريد: الريش: الجمال، وقيل: هو اللباس، وقال قطرب: الريش والرياش واحد مثل حل وحلال وحرم وحرام، وعن ابن عباس: الرياش: اللباس والعيش والنعيم، وقال الثعلبي: الرياش في كلام العرب: الأثاث وما ظهر من المتاع والثياب والفرش وغيرها، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٢٩٨).
(٢) قد أثبتت هذه العبارة في النسخة المحققة لـ "فتح الباري" الصادرة من دار طيبة في موضع البياض معزوًّا إلى "إتحاف القاري" (ص ٢٧، ٢٨): فقال أبو جعفر: الأعراف جمع واحدها عرف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب عرف، وهو الحجاب بين الجنة والنار، وأما الرجال فقيل: هم قوم من بني آدم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وقيل: المقتول في سبيل الله عصاة لآبائهم في الدنيا، وعن مجاهد: هم قوم صالحون فقهاء علماء.
(٣) "عمدة القاري" (١٢/ ٦٠٩، ٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>