وكذلك في الثاني من تعجيل النصرة ما ليس في الثالث، ففي المراتب الثلاث ترق بعد ترق، وقد تمت عليها عدته المتعلقة بنفسه فأتبعه رابعًا ما تدل على إنعامه على من اتبعه لئلا تأخذ إياه شفقة عليهم، فقال:{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. . .}[آل عمران: ٥٥]، انتهى.
وذكر في هامشه الكلام عليه وعلى مسألة نزول عيسى - عليه السلام -.
(تنبيه): قال الشاه أنور الكشميري في رسالته "عقيدة الإسلام": إن المعروف في كتب الحديث: "لو كان موسى حيًّا لما وسعه إلا اتباعي" كما بسط طرقه الحافظ في كتاب الاعتصام في "باب قوله تعالى: {لا تسألوا أهل الكتاب} " إلخ، فما وقع في "تفسير ابن كثير" تحت قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} الآية [آل عمران: ٨١]، من زيادة عيسى في هذا الحديث غلط من الناسخ، انتهى من هامش "اللامع".
قوله:(البحيرة التي يمنع درّها للطواغيت) وهي الأصنام فلا يحلبها أحد من الناس، والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة، وهي التي بحرت أذنها، أي: خرمت، قال أبو عبيدة: جعلها قوم من الشاة خاصة إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها، أي: شقوها وتركت فلا يمسها أحد، وقال آخرون: بل البحيرة الناقة كذلك وخلوا عنها فلم تركب ولم يضربها فحل.
وأما قوله:(فلا يحلبها أحد من الناس)، وهكذا أطلق نفي الحلب، وكلام أبي عبيدة يدلّ على أن المنفي إنما هو الشرب الخاص، قال أبو عبيدة: كانوا يحرمون وبرها ولحمها وظهرها ولبنها على النساء، ويحلون ذلك للرجال، وما ولدت فهو بمنزلتها، وإن ماتت اشترك الرجال والنساء في أكل لحمها.
قوله:(والسائبة كانوا يسيبونها. . .) إلخ، قال أبو عبيدة: كانت السائبة من جميع الأنعام وتكون من النذور للأصنام فتسيب فلا تحبس عن مرعى ولا عن ماء ولا يركبها أحد، قال: وقيل: السائبة لا تكون إلا من الإبل كان الرجل ينذر إن برئ من مرضه أو قدم من سفره لَيُسَيِّبَنّ بعيرًا.