للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخة الصغاني، وهو تفسير أبي عبيدة، قال (١): {يَعْفُونَ} يتركن، يهبن، وهو على رأي الحميدي خلافًا لمحمد بن كعب فإنه قال: المراد عفو الرجال، وهذه اللفظة ونظائرها مشتركة بين جمع المذكر والمؤنث، لكن في الرجال النون علامة الرفع، وفي النساء النون ضمير لهن، ووزن جمع المذكر يفعلون وجمع المؤنث يفعلن، انتهى.

قوله: (قال: قد نسختها الآية الأخرى) كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): هي التي عقد لها الباب وبذلك يصح إيراد الرواية فيه، انتهى.

قوله: (كانت هذه العدة، تعتد عند. . .) إلخ، هذا البحث من مزالق الأقدام، والروايات في ذلك عن ابن عباس مختلفة، وكذا الفرق بين قول مجاهد وعطاء غامض كما بسط الكلام على ذلك في هامش "اللامع" من كلام الشرَّاح وغيره، ومن تقارير مولانا محمد حسن المكي المنقول عن شيخه الشيخ الكَنكَوهي وبسط الكلام عليه أيضًا في "اللامع" حيث كتب: حاصل كلامه هذا: أنه لا نسخ في شيء من الآيتين، وأن الأولى متقدمة في النزول على المتأخرة.

وحاصله: أنه يجب على المرأة أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ويجب على الورثة تمتيعهن إلى تمام الحول، فإن قصدت المرأة أن تخرج في تلك المدة الزائد على أربعة أشهر وعشر كان لها ذلك، والظاهر أن ذلك بيان منه لما كانت عليه النساء قبل نزول الميراث، وإذا نزلت آية الميراث لم يبق لها وجوب الإيصاء على الأزواج فسقط التمتيع، وعلى هذا فلا يكون بين كلام عطاء ومجاهد خلاف، فلا يلزم تناف وتضاد بين كلام ابن عباس لأنهما يأخذان منه وينقلان منه، وعلى هذا فمعنى قوله: فالعدة كما هي واجب عليها أن المرأة تتربص هذه المدة ولا تتزوج وإن كان لها أن تذهب حيث شاءت، وأما حاصل كلام عطاء فإن المرأة كانت مأمورة بالاعتداد في بيته، فإذا نزلت الآية {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ. . .} إلخ، أبيح لهن الخروج قبل انقضاء


(١) انظر: "مجاز القرآن" (١/ ٧٦).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٢٢ - ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>