بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بذلك، ثم أرسل الله عليهم الريح فتفرقوا، وكفى الله المؤمنين القتال.
قوله:(قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع) وتابع موسى على ذلك مالك، وأخرجه أحمد عن موسى بن داود عنه، وقال ابن إسحاق: كانت في شوال سنة خمس، وبذلك جزم غيره من أهل المغازي، ومال المصنف إلى قول موسى بن عقبة، وقوَّاه بما أخرجه أول أحاديث الباب من قول ابن عمر: أنه عرض يوم أُحد وهو ابن أربع عشرة، ويوم الخندق وهو ابن خمس عشرة، فيكون بينهما سنة واحدة، وأُحد كانت سنة ثلاث فيكون الخندق سنة أربع، ولا حجة فيه إذا ثبت أنها كانت سنة خمس لاحتمال أن يكون ابن عمر في أُحد كان في أول ما طعن في الرابعة عشر، وكان في الأحزاب قد استكمل الخمس عشرة، وبهذا أجاب البيهقي، ويؤيد قول ابن إسحاق أن أبا سفيان قال للمسلمين لما رجع من أُحد: موعدكم العام المقبل ببدر، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من السنة المقبلة إلى بدر، فتأخر مجيء أبي سفيان تلك السنة للجدب الذي كان حينئذ، وقال لقومه: إنما يصلح الغزو في سنة الخصب، فرجعوا بعد أن وصلوا إلى عسفان أو دونها، ذكر ذلك ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي.
وقد بيَّن البيهقي (١) سبب هذا الاختلاف، وهو أن جماعة من السلف كانوا يعدون التاريخ من المحرم الذي وقع بعد الهجرة ويلغون الأشهر التي قبل ذلك إلى ربيع الأول، وعلى ذلك جرى يعقوب بن سفيان في "تاريخه"، فذكر أن غزوة بدر الكبرى كانت في السنة الأولى، وأن غزوة أُحد كانت في الثانية، وأن الخندق كانت في الرابعة، وهذا عمل صحيح على ذلك البناء، لكنه بناء واه مخالف لما عليه الجمهور من جعل التاريخ من المحرم سنة الهجرة، وعلى ذلك تكون بدر في الثانية وأُحد في الثالثة والخندق في