للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولغيره "باب قتل حمزة" فقط، وللنسفي: "قتل حمزة سيد الشهداء"، وهذا اللفظ قد ثبت في حديث مرفوع أخرجه الطبراني من طريق الأصبغ بن نباته عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب" ثم ذكر الحافظ في آخر الباب: ذكر ابن سعد (١) قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادي قد مثل به، فقال: لولا أن تحزن صفية - يعني: بنت عبد المطلب - وتكون سُنَّة بعدي لتركته حتى يحشر من بطون السباع - وهو أصل الطير -"، زاد ابن هشام قال: "وقال: لن أصاب بمثلك أبدًا، ونزل جبرئيل فقال: إن حمزة مكتوب في السماء أسد الله وأسد رسوله"، وروى البزار والطبراني بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى حمزة قد مثل به قال: رحمة الله عليك، لقد كنت وصولًا للرحم، فعولًا للخير، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أجواف شتى، ثم حلف وهو بمكانه لأمثلن بسبعين منهم، فنزل القرآن {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} الآية [النحل: ١٢٦] "، انتهى.

قوله: (فهل تستطيع أن تغيب وجهك) كتب الشيخ في "اللامع" (٢): وإنما فعل ذلك مع قبول إسلامه، والإسلام يهدم ما كان قبله خوفًا من أن يدركه حمية وحماية، فيدعوا عليه ويضرّ ذلك بدينه، ولا كذلك إذا تغيب عنه فإنه لا يتذكر، انتهى.

وفي هامشه: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه ظاهر؛ لأن تذكره - صلى الله عليه وسلم - برؤية الوحشي لا مرية في ذلك، ولا حاجة حينئذ إلى الدعاء عليه، بل تحزن قلبه وتكدره عنه رضي الله تعالى عنه يكفي لمضرته، وهذا مجرب، فإنه التكدر في قلوب المشايخ يوصل المرء إلى المهالك، انتهى.


(١) كذا في الأصل، وفي "الفتح": "ابن إسحاق"، لعله هو الصواب.
(٢) "لامع الدراري" (٨/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>