للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب قال: قال لي زيد بن عمرو: إني خالفت قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وكانا يصليان [إلى] هذه القبلة، وأنا أنتظر نبيًا من بني إسماعيل يبعث، ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، وإن طالت بك حياة فأقرئه مني السلام، قال عامر: فلما أسلمت أعلمت النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبره، قال: فردَّ عليه السلام وترحّم عليه، قال: "ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولًا"، وروى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد قال: "خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدين، حتى أتيا الشام، فتنصر ورقة، وامتنع زيد، فأتى الموصل فلقي راهبًا، فعرض عليه النصرانية فامتنع" وذكر الحديث نحو حديث ابن عمر الآتي في ترجمته، وفيه: "قال سعيد بن زيد: فسألت أنا وعمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن زيد، فقال: غفر الله له ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم"، وروى الزبير بن بكار من طريق هشام بن عروة قال: بلغنا أن زيدًا كان بالشام، فبلغه مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل يريده، فقتل بمضيعة من أرض البلقاء، وقال ابن إسحاق: لما توسط بلاد لخم قتلوه، وقيل: إنه مات قبل المبعث بخمس سنين عند بناء قريش الكعبة، انتهى من "الفتح".

وعلى هذا فالترجمة على محلها، ويمكن الإشارة إلى حال الجاهلية بأن بعضهم كانوا طالبين الدين أيضًا، وهذا بيان لشدة استعدادهم الخير.

وقال العيني (١): ولما مات دفن بأصل حراء، ثم قال: فإن قلت: ما حكمه من جهة الدين؟ قلت: ذكره الذهبي في "تجريد الصحابة" وقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يبعث أمة وحده"، وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يستقبل القبلة في الجاهلية ويقول: إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم، ويسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يحشر ذاك أمة وحده، بيني وبين عيسى ابن مريم - عليهما السلام -" رواه ابن أبي شيبة، وذكر


(١) "عمدة القاري" (١١/ ٥٣٨، ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>