للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان من السماء إلى الأرض حق ثابت بالكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمة، من أنكره فقد كفر، أما الكتاب فقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] والمعنى: ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وقال تعالى في حق عيسى - عليه السلام -: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: ٦١] قرئ بفتح اللام والعين، والضمير في "إنه" راجع إلى عيسى - عليه السلام - لقوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} [الزخرف: ٥٧] والمعنى: أن نزوله علامة القيامة.

وأما الأحاديث فهي كثيرة بلغت مبلغ التواتر كما صرح به الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (١) والحافظ العسقلاني في "الفتح" (٢)، وقد ألف شيخنا الأكبر أستاذنا ومولانا الشاه محمد أنور - نوَّر الله وجهه يوم القيامة ونضَّر - رسالة وجيزة (٣) في أحاديث النزول أورد فيها أكثر من سبعين حديثًا فشفى وكفى وجمع فأوعى، جزاه الله الجزاء الأوفى.

وأما الإجماع فقال أبو حيان في "البحر المحيط" (٤): قال ابن عطية: وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان، وقال الشيخ محيي الدين في "الفتوحات": لا خلاف في أنه ينزل في آخر الزمان، وقال السفاريني: قد أجمعت الأمة على نزوله، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكره الفلاسفة والملاحدة مما لا يعتد بخلافه. . . إلى آخر ما قال، كذا في "شرح العقيدة السفارينية" (٥)، انتهى.

ثم ذكر النقول في كفر من أنكر نزوله، وأيضًا بسط الكلام في لطائف


(١) "تفسير ابن كثير" (٢/ ٤٥٥).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٤٩٣، ٤٩٤).
(٣) اسمه: "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - وعلق عليه.
(٤) "تفسير البحر المحيط" (٣/ ٢٥٢).
(٥) "شرح العقيدة السفارينية" (٢/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>