للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستشهاد المصنف بقصة ابن شبرمة يشير إلى أنه أراد الثاني، وقوله: "في الأموال والحدود" يشير بذلك إلى الرد على الكوفيين في تخصيصهم اليمين على المدعى عليه في الأموال دون الحدود، انتهى.

فهذه ثلاث مسائل.

وها هنا مسألة أخرى أيضًا خلافية، وهي رد اليمين على المدعي، فهذه أربع مسائل مناسبة للباب، أراد المصنف بيان الاثنين منها وهي المسألة الثانية والثالثة.

أما الأولى منهما وهي مسألة القضاء بشاهد واحد ويمين المدعي، ففي "الأوجز" (١) عن "المغني" (٢): أكثر أهل العلم يرون ثبوت المال لمدعيه بشاهد ويمين، روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهو قول الفقهاء السبعة ومالك والشافعي، وقال النخعي وأصحاب الرأي: لا يقضى بشاهد واحد ويمين، وقال محمد بن الحسن: من قضى بالشاهد واليمين نقضت حكمه، انتهى.

قلت: وميل البخاري إلى مسلك الحنفية، واستدل عليه بالحصر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينه" وبقصة ابن شبرمة، وبحديث ابن عباس.

وأما المسألة الثانية منهما وهي التي أشار إليها بقوله: "في الأموال والحدود"، قال الحافظ: يشير بذلك إلى الرد على الكوفيين في تخصيصهم اليمين على المدعى عليه في الأموال دون الحدود، وذهب الشافعي والجمهور إلى القول بعموم ذلك في الأموال والحدود والنكاح ونحوه، واستثنى مالك النكاح والطلاق. . .، إلى آخر ما قال.

قلت: نسبة ذلك إلى الجمهور بعيد من مثل الحافظ قُدِّس سره، فقد بسط الخلاف فيه في "الأوجز" وهامش "اللامع" (٣) عن الموفق وغيره، وفي


(١) "أوجز المسالك" (١٣/ ٥٨٥ - ٥٨٨).
(٢) "المغني" (١٤/ ١٣٠).
(٣) "اللامع" (٧/ ١٠١ - ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>