للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرض المصنف إثبات هبة المشاع، وهو قول الجمهور خلافًا لأبي حنيفة، كذا أطلق، وتعقب بأنه ليس على إطلاقه وإنما يفرق في هبة المشاع بين ما يقبل القسمة وما لا يقبلها، والعبرة بذلك وقت القبض لا وقت العقد، وهكذا في "العيني" (١) وقال: العبرة في الشيوع وقت القبض لا وقت العقد، حتى لو وهب مشاعًا وسلم مقسومًا، انتهى.

وإلى ذلك أشار الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢) إذ كتب: قوله: (وقالت أسماء للقاسم. . .) إلخ، وكانا ابني أخيه وكان له بنون فكان ذلك وصية منها، والوصية بالمشاع جائزة عندنا أيضًا، أو كانت وهبت لهما فلما اقتسماها تمت الهبة، ونحن نقر أيضًا إن وهب مشاعًا فاقتسمه الموهوب لهم فإنها تتم بالقسمة وإن لم تتم بالهبة نفسها، ومع ذلك ففعل أسماء - رضي الله عنها - ليس حجة على مجتهد.

وقوله: (أعطيت هؤلاء) فيه الترجمة حيث استرخصه أن يعطيهم ولو لم تكن هبة المشاع جائزة لما استأذنه بلفظ الجمع الذي ذكره في كلامه، والجواب: أما أولًا: فبأن إعطاءه إياهم لو وقع كما قصده النبي - صلى الله عليه وسلم - لأعطى كلًّا منهم نصيبه والباقي من كل واحد واحد منهم كان باقيًا على ملكه حتى يعطيه آخر، فلم يكن إعطاؤه إياهم إلا إعطاء واحد بعد واحد، ولو سلم أنه قصد أن يعطيهم جميعًا فالقسمة في هذا المجلس كانت مجوزة للهبة ومتممة لها كما ذكرنا في قصة أسماء فافهم، انتهى من "اللامع".

وفي هامشه (٣): قال الحافظ: قد اعترض الإسماعيلي بأنه ليس في حديث سهل ما ترجم به وإنما هو من طريق الإرفاق وأطال في ذلك، والحق كما قال ابن بطال: إنه - صلى الله عليه وسلم - سأل الغلام أن يهب نصيبه للأشياخ وكان نصيبه منه مشاعًا غير متميز فدل على صحة هبة المشاع، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (٩/ ٤٢٧).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٢٧ - ٢٩).
(٣) "اللامع" (٧/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>