للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الفيض" (١): والتعريف في مثل هذه الأشياء اليسيرة يكون بقدر ما يرى، فيعرفها أيامًا معدودة، انتهى.

قال العلَّامة العيني (٢): روى ابن عبد الحكم عن مالك: إذا ألقى البحر خشبة فتركها أفضل، ورخصت طائفة في أخذ اللقطة اليسيرة والانتفاع بها وترك تعريفها، وممن روي عنه ذلك عمر وعلي وعائشة، وهو قول عطاء والنخعي وطاوس، وقال عطاء: لا بأس للمسافر إذا وجد السوط والسقاء والنعلين أن ينتفع بها، استدل من يبيح ذلك بحديث الخشبة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه أخذها حطبًا لأهله ولم يأخذها ليعرفها، ولم يقل إنه فعل ما لا ينبغي.

وفي "الهداية": إن كانت اللقطة مما يعلم أن صاحبها لا يتطلبها؛ كالنواة وقشور الرمان فإلقاؤه إباحة أخذه، فيجوز الانتفاع به من غير تعريف، ولكنه يبقى على ملك مالكه؛ لأن التمليك من المجهول لا يصح، إلى آخر ما بسط العيني (٣).

وقال الحافظ (٤): والأصح عند الشافعية أنه لا فرق في اللقطة بين القليل والكثير في التعريف وغيره، وفي وجه لا يجب التعريف أصلًا، وقيك: تعرّف مرة، وقيل: ثلاثة أيام، وهذا كله في قليل له قيمة، أما ما لا قيمة له كالحبة الواحدة فله الاستبداد به على الأصح، ثم ذكر مذهب الحنفية مثل ما تقدم آنفًا عن "الهداية" في كلام العيني، وزاد: وعند المالكية كذلك إلا أنه يزول ملك صاحبه عنه، انتهى.

وقال العيني (٥): قيل: ليس في الباب ذكر السوط، وأجيب: بأنه استنبطه بطريق الإلحاق، وقيل: كأنه فاته عنه، وقال بعضهم - الحافظ -


(١) "فيض الباري" (٣/ ٥٩٧).
(٢) "عمدة القاري" (٩/ ١٦٦).
(٣) "عمدة القاري" (٩/ ١٦٦).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ٨٥، ٨٦).
(٥) "عمدة القاري" (٩/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>