للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكر الحديث إلا لواحد منها -: أن الإمام البخاري يشير بذلك إلى أن أحد الجزئين ثابت والثاني لا يثبت، فكأن البخاري رد عليه بالترجمة وأنكره.

جزم بذلك الكرماني في "باب غسل المني وفركه"، إذ قال (١): فإن قلت: الحديث لا يدل على الفرك، قلت: عُلم من الغسل عدم الاكتفاء بالفرك، والمراد من الباب حكم المني غسلًا وفركًا في أن أيهما ثبت في الحديث وما الواجب منهما، انتهى.

وعلى ذلك حمل الشيخ ابن القيم في "الهدي" (٢) ترجمة البخاري "باب الصلاة قبل الجمعة وبعدها"، وبسط الكلام على أن لا صلاة قبل الجمعة، قال: ولم يرد البخاري إثبات السُّنَّة قبل الجمعة، وإنما مراده: هل ورد في الصلاة قبلها أو بعدها شيء؟ ثم ذكر هذا الحديث، أي: أنه لم يرو عنه فعل السُّنَّة إلا بعدها، ولم يرد قبلها شيء، انتهى.

ويدخل في ذلك "باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد"، إذ أورد الحديث للأول دون الثاني، وأشكل على الشرَّاح إثبات الثاني.

وقال العيني (٣): لعل غرض البخاري - رحمه الله - أن لا يصلى عليها في المسجد. . . إلى آخر ما قال.

وإلى ذلك الأصل أشار العيني في "باب البول قائمًا وقاعدًا" احتمالًا، إذ قال (٤): وإما إشارة إلى أنه وقف على أحاديث الفصلين، ولكنه اقتصر على أحاديث الفصل الأول لكونها على شرطه، انتهى.

يعني: أحاديث الفصل الثاني لم تكن على شرطه، ولا يلتبس هذا بالأصل الخامس والخمسين.


(١) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" (٣/ ٨١).
(٢) "زاد المعاد" (١/ ٤٣٣).
(٣) "عمدة القاري" (٦/ ١٨٢).
(٤) "عمدة القاري" (٢/ ٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>