للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: وهو في اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، وفي الشرع الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، سمي بذلك لأن الناجش يثير الرغبة في السلعة ويقع ذلك بمواطأة البائع فيشتركان في الإثم، ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص بذلك الناجش، وقد يختص به البائع كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر مما اشتراها به ليغر غيره بذلك كما سيأتي عن الصحابي في ذلك الباب.

قال ابن بطال (١): أجمع العلماء على أن الناجش عاصٍ بفعله، واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك، ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان ذلك بمواطأة البائع أو صنعه، والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار، وهو وجه للشافعية قياسًا على المصراة، والأصح عندهم صحة البيع مع الإثم، وهو قول الحنفية، انتهى من "الفتح" (٢).

وفي "الفيض" (٣): وهذا البيع لا يجوز عند المصنف أصلًا، لورود النهي عنه.

قلت: النهي لا يستلزم البطلان دائمًا، فإنا نرى من عهد الصحابة إلى زمن الأئمة أن النهي إذا ورد في محل، يحمله بعضهم على الكراهة، وبعضهم على البطلان فلا كلية فيه، ففي محل كذا، وفي محل كذا، والإمام البخاري يحمله على البطلان في أكثر المواضع، وقلّ موضعٌ يكون النهي ورد فيه ثم حمله المصنف على الجواز، بل يعترض على الحنفية بحملهم النهي على الصحة.

قوله: (وهو خداع باطل. . .) إلخ، أراد المصنف من نقل تلك


(١) (٦/ ٢٧٠).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٣٥٥).
(٣) "فيض الباري" (٣/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>