للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آنفًا، وإنما أراد في تلك الترجمة التنبيه على حكم ضياع المبيع قبل القبض، وحاصل الترجمة على ما فهمه الشارحون: أن المبيع إن هلك قبل القبض، هل يهلك من مال البائع أو المشتري؟ فالجمهور إلى أنه لو هلك قبل قبض المشتري هلك من مال البائع، وبعده من مال المشتري، قوله: "أو مات" أي: فإن مات المشتري قبل القبض، فعلى ورثته أن يقبضوه، وإن مات البائع فعلى أوليائه التسليم.

قلت: وعندي أن المصنف لم يتعرض إلى تلك المسألة بل إلى مسألة أخرى، وهي أن المشتري إذا اشترى المبيع، ثم وضعه عند البائع، فهل يجوز له أن يبيعه وهو عند البائع؟ والذي يظهر من تراجمه أنه يصح؛ لأن النقل ليس بشرط عنده، كما مرَّ، فصح لفظ: "فباع" على ما في أكثر النسخ، أما ما ذهب إليه أكثر الشارحين، فلا يصح إلا على نسخة: "فضاع".

ثم قوله: "أو مات" المراد منه موت أحد المتعاقدين دون المبيع؛ لأنه لا يقال فيه: مات، بل هلك، فتبين أنه لا تعلق لترجمته بما ذهب إليه الشارحون، انتهى.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن ترجمة الإمام البخاري تمت إلى قوله: "فوضعه عند البائع" والمقصود جواز ترك المبيع عند البائع، وهذا المعنى واضح من حديث عائشة، وأما قوله: "فباع أو مات" إلخ، فليس بجزء للترجمة، بل فرع على الترجمة مسألة مستأنفة لمكان اختلاف العلماء في ذلك، وبين مختاره في تلك المسألة بأثر ابن عمر، فلا حاجة إلى إثبات هذه المسألة من الحديث، وبسط الكلام على ذلك في هامش "اللامع" (١).


(١) "اللامع" (٦/ ٦٤ - ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>