للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: اختلفوا في ضبط هذه الترجمة والمراد بها، قال الكرماني (١): "القادمين" بالجمع صفة لـ "الحاج"؛ لأن الحاج في معنى الجمع، ولفظ "الثلاثة" عطف على الاستقبال، وفي بعضها مضافًا إلا الغلامين، وفي بعضها القادمين، وتوجيهه مع إشكاله أن يقرأ الحاج بالنصب، ويكون استقبال مضافًا إلى الغلامين، نحو قوله تعالى: {قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: ١٣٧] بنصب أولادهم وجر الشركاء، أو يكون الاستقبال مضافًا إلى الحاج، والغلامين مفعول، فإن قلت: لفظ "استقبله" يفيد عكس ذلك الاستقبال، قلت: الاستقبال إنما هو من الطرفين، انتهى.

وتبع العيني كلام الكرماني وقال: قوله: "وفي بعضها الغلامين"، أي: وفي بعض النسخ: باب استقبال الحاج الغلامين. وقال القسطلاني (٢): قوله: "القادمين" أي: إلى مكة بكسر الميم وفتح النون بصيغة الجمع صفة للحاج لإطلاقه على المفرد والجمع، واستقبال مصدر مضاف إلى مفعوله، ولأبي ذر: "القادمين" بفتح الميم بصيغة التثنية، و"الثلاثة" بالجر كما في بعض الأصول عطفًا على استقبال، أي: واستقبال الثلاثة، وفي اليونينية: والثلاثة بالنصب، أي: واستقبال الحاج الثلاثة حال كونهم "على الدابة" والاستقبال يكون من الطرفين لأن من استقبلك فقد استقبلته. . .، إلى آخر ما قال.

وقال الحافظ (٣): اشتملت هذه الترجمة على حكمين، ودلالة حديث الباب على الثاني ظاهرة، وقد أفردها بالذكر قبيل "كتاب الأدب"، وأورد فيها هذا الحديث بعينه، وأما الحكم الأول فأخرجه من حديث الباب بطريق العموم؛ لأن قدومه - صلى الله عليه وسلم - مكة أعم من أن يكون في حجة أو عمرة أو غزو، وقوله: "القادمين" صفة للحاج، وكون الترجمة لتلقي القادم من الحج، والحديث دال على تلقي القادم للحج ليس بينهما تخالف لاتفاقهما من حيث المعنى، انتهى.


(١) "شرح الكرماني" (٩/ ١٧).
(٢) "إرشاد الساري" (٤/ ٣٦٧).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>