السادس: أنه فيمن أوصى به، وهو قول الجمهور وسيأتي البسط فيه في آخر الأقوال.
السابع: أنه فيمن لم يوص بتركه فتكون الوصية بذلك واجبة، قال العيني والنووي: حاصله إيجاب الوصية بترك البكاء والنوح، وهو قول داود وطائفة.
الثامن: التعذيب بالصفات التي يبكون بها عليه وهي مذمومة شرعًا، كما كان أهل الجاهلية يقولون: يا مرمل النسوان، يا ميتم الأولاد، يا مخرب الدور، فهم يمدحونه بها وهو يعذب بصنيعه ذلك، وهو اختيار ابن حزم وطائفة.
التاسع: أن المراد به توبيخ الملائكة له بما يندب به أهله كما في رواية: "إذا قالت النائحة: وا عضداه وا ناصراه وا كاسياه، جبذ الميت، وقيل له: أنت عضدها؟! أنت ناصرها؟! أنت كاسيها؟! ".
العاشر: قال الحافظ (١): وحكى الكرماني تفصيلًا آخر وحسنه، وهو التفرقة بين حال البرزخ وحال يوم القيامة، فيحمل قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} على يوم القيامة، وهذا الحديث وما أشبهه على البرزخ، ويؤيده قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} الآية [الأنفال: ٢٥]، فإنها دالة على جواز وقوع التعذيب على الإنسان بما ليس فيه تسبب، فكذلك يمكن أن يكون الحال في البرزخ.
الحادي عشر: أن المراد بالعذاب تألم الميت بسبب بكاء أهله عليه على وجه مذموم، كما يتألم بسائر المعاصي الصادرة عنهم، ويفرح بالأعمال الصالحة الكائنة منهم.
الثاني عشر: أن المراد بالميت المحتضر مجازًا، وبالتعذيب التعذيب في الدنيا، أي: المحتضر يتألم ببكاء أهله عليه.
(١) انظر: "فتح الباري" (٣/ ١٥٦)، و"شرح الكرماني" (٧/ ٨٦).