للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك إلى مسألة أخرى خلافية أيضًا، وهي اختلافهم في المدة التي إذا نوى المسافر الإقامة فيها لزمه الإتمام.

أما المسألة الأولى ففي هامش "اللامع" (١): اختلفوا في حكم القصر، أما الحنفية فقالوا بوجوبه قولًا واحدًا. واختلفت الروايات عن الإمام الشافعي، وأشهرها أنه رخصة، والإتمام أفضل. وكذلك اختلفت الروايات عن الإمام مالك، فروى عنه أشهب أنه فرض، وأشهرها أنه سُنَّة عنده. وكذلك اختلفت الروايات عن الإمام أحمد، فرُوي عنه أنه فرض، وعنه أنه سُنَّة، وعنه أنه أفضل، وعنه: إني أحب العافية عن هذه المسألة.

وأما المسألة الثانية، أعني: مبدأ القصر، فالذي يظهر لهذا العبد الضعيف، وبه تجتمع الأدلة، أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء الثانية ركعتين إلّا المغرب، ثم زيد عقيب الهجرة إلا الصبح، ثم بعد أن استقر فرض الرباعية نصف منها في السفر عند نزول قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١].

قال الحافظ (٢): ذكر ابن الأثير أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة للهجرة، وهو مأخوذ مما ذكره غيره أن نزول الآية كان فيها، وقيل: كان قصر الصلاة في ربيع الآخر من السنة الثانية، ذكره الدولابي، وقيل: بعد الهجرة بأربعين يومًا، انتهى من هامش "اللامع".

وأما المسألة الثالثة: ففي "الأوجز" (٣): بلغ ابن عبد البر في "الاستذكار" أقوال العلماء في ذلك إلى أحد عشر قولًا، وذكر العيني في "شرح البخاري" (٤) اختلاف الأقوال في ذلك على اثنين وعشرين قولًا، نتركها اختصارًا، قال ابن رشد في "البداية" (٥): الأشهر منها هو ما عليه


(١) "لامع الدراري" (٤/ ٢٢١).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٤٦٥).
(٣) "أوجز المسالك" (٣/ ١٩٥).
(٤) "عمدة القاري" (٥/ ٣٧١ - ٣٧٢).
(٥) "بداية المجتهد" (١/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>