للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله لأفعلن كذا فليس بيمين؛ لأن اللام قد تكون جوابًا لغير القسم، قال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ [العلق: ١٥]، ولأن القسم جملة مؤكدة بجملة هي الجواب وقد خلت من التأكيد فلم يكن في ذكر الجواب دلالة على القسم وليس كذلك ههنا؛ لأنه قد أتى بالجملتين وفي جملة القسم ما يدل على مقسم به من الوجه الذي ذكرنا وليس في جملة الجواب ما يدل على التأكيد (١).

فإن قيل: فيبطل بقوله: وَحقِه وَهوه فإنه يقتضي محلوفًا به ومع هذا ليس بيمين (٢).

قيل: لأنه لم يثبت لذلك عرف شرع ولا عرف الاستعمال وقد ثبت ذلك في أقسم (٣).

فإن قيل: الحج معروف وهو اسم مختص بهذه العبادة لا يشاركه فيه غيرها وليس كذلك قوله: أقسم فإنه يكون القسم به وبغيره (٤).

وقيل: قد بينا أنه لا يكون القسم بغيره لكونه منهي عنه كما قلنا في إطلاق اليمين وفي الوصية بالطبل (٥).

فإن قيل: اسم الحج وسائر العبادات لا يعتبر فيها حرمة اللفظ وليس كذلك ههنا، فإن الكفارة اختصت بالله لحرمة الاسم فإذا لم يكن منطوقًا به لم يكن للفظ حرمة (٦).

قيل: الحج وسائر العبادات لابد أن يعتبر فيها حرمة من يفعل له ومع هذا فإن الإطلاق منصرف إليه كذلك القسم يقتضي مقسما به وهو منهي عن غير الله فوجب أن يحمل عليه، وأيضًا فإن قوله: أقسم من ألفاظ اليمين ألا ترى أنه لو قال: أقسم به ونوى به


(١) ينظر: المغني (٩/ ٥١١)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ١٧٤).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٧٢)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٠/ ٥١٠)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٣٧).
(٣) ينظر: النهر الفائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٥٣)، رد المحتار (٣/ ٧١٦)، الفتاوى الهندية (٢/ ٦٠)، المغني (٩/ ٥١١) الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ١٧٤).
(٤) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٧٢)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٠/ ٥١٠)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٣٨).
(٥) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٣/ ٤٩)، المغني (٩/ ٤٨٨).
(٦) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٧٢)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٠/ ٥١٠)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>