للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الإنسان لا يقول أقسمت بفلان ولا بالطلاق ولا بالعتاق فقوله: أقسم كقوله: أقسم بالله وكالحج لما لم يقع لغير الله كان قوله عليَّ حجة كقوله الله عليَّ حجة وإن شئت قلت أقسم يقتضي مقسمًا به وهو منهي عن القسم بغير الله فإذا أطلق فالظاهر أنه أراد به أقسم بالله فهو كما لو قال أقسم بالله (١).

يبين صحة هذا: لو قال بعتك بألف حُمل على مقتضى الشرع وهو نقد البلد، وإن كان الإطلاق يتناول غيره وكذلك قالوا: إذا أوصى لرجل بطبل من طبوله وله طبول للهو وللعرس حملت وصيته على المباح (٢).

وبين صحة هذا: أن اسم المفعول محذوف وهذا جائز قال تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [إبراهيم: ٣٧] تقديره: إني أسكنتُ ذريةً من ذُرِّيتي وإذا كان كذلك علم أنه محذوف (٣).

فإن قيل: هذا يبطل بقوله: أولى أو أتالى هذا يقتضي مولى به ومع هذا فلا يكون حالفًا وكذلك قوله: لأفعلن كذا هذه اللام لا تكون إلا في جواب القسم ومع هذا فلا يكون حالفًا بذلك قالوا: ولا يلزمنا على هذا قوله تعالى: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [الأعراف: ١٨]، فإنه قسم والمقسم به مقدر فيه وكذلك قول الرجل لأفعلن كذا هو قسم والمقسم به مقدر فيه ولا يصح أن يكون حالفًا (٤).

قيل: أما قوله أولى وأتالى فهو يمين والعرب تذكر ذلك حلفًا قال الشاعر (٥):

أولى برب الراقصات إلى منى … ومطارح الأكوار حيث يبين


(١) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٣/ ٤٩)، المغني (٩/ ٥١١).
(٢) ينظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (١٠/ ١٧٩)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٨/ ٧١).
(٣) ينظر: النهر الفائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٥٣)، رد المحتار (٣/ ٧١٦)، الفتاوى الهندية (٢/ ٦٠)، المغني (٩/ ٥١١) الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ١٧٤).
(٤) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٧٢) البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٠/ ٥١٠)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٣٧).
(٥) لم أقف على ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>