للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجه الدلالة منه: أنه قال: أقسمت عليك ولم يقل أقسم بالله وجعله النبي يمينًا ونهاه عنه (١).

فإن قيل: يحتمل أن يكون أقسم بالله ولكن الراوي اختصر بعض اللفظ؛ لأنه ليس المقصود صفة اليمين (٢).

قيل: لو كان لذكر ولم يختصره؛ لأن هذا مما يتغير الحكم بحذفه (٣).

فإن قيل: فلو كان يمينًا لأوجب عليك الكفارة؛ لأنه حلف على أن يخبره النبي ولم يخبره (٤).

قيل: إنما لم يوجب الكفارة؛ لأنه لم يحنث في يمينه؛ لأنه كان يجوز أن يخبره النبي بعد ذلك. وأيضًا روي أن صفوان بن عبد الرحمن (٥) جاء إلى النبي يوم الفتح فقال: يا رسول الله، بايعه على الإسلام والهجرة، فقال النبي لا هجرة، فقال العباس: أقسمت عليك يا رسول الله، لتبايعنه، فبايعه النبي ، وقال: "بررت قسم عمي ولا هجرة (٦)، فجعل قوله: أقسمت عليك يمينًا وأخبر أنه بر قسمه، فدل على أنه بمجرده يمين فإن أعادوا السؤال فقل سبق عنه الجواب وأيضًا فإن القسم لا يقع بغير الله؛


(١) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٣/ ٤٨)، المغني (٩/ ٥١١).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٧٢)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٠/ ٥١٠)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٣٧).
(٣) ينظر: النهر الفائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٥٣)، رد المحتار (٣/ ٧١٦)، الفتاوى الهندية (٢/ ٦٠)، المغني (٩/ ٥١١)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ١٧٤).
(٤) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٣/ ٤٨)، المغني (٩/ ٥١١).
(٥) هو عبد الرحمن بن صفوان بن أمية القرشي الجمحي يعد في المكيين. وقال ابن الأثير: أتى به أبوه النبي يوم الفتح ليبايعه على الهجرة، فقال رسول الله : "لا هجرة بعد الفتح"، قال أبو حاتم بن حبان في التابعين من كتاب "الثقات": عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي، روى عن رجل من أصحاب النبي. ينظر: الاستيعاب (٢/ ٨٣٦)، أسد الغابة (٣/ ٤٥٧)، الإصابة (٤/ ٢٦٨).
(٦) أخرجه ابن ماجة في كتاب الكفارات باب إبرار القسم رقم (٢١١٦)، وأحمد في مسنده (٢٤/ ٣١٨) رقم (١٥٥٥١)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٤/ ١٨٢٢)، والبيهقي في سننه (٢٠/ ٩٧) رقم (١٩٩١٧). قال البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٢٤٧): يزيد بن أبي زياد عن مجاهد لا يصح. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (٢/ ١٣٥): في إسناده يزيد بن أبي زياد أخرج له مسلم في المتابعات وضعفه الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>