للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبًا لقوم فبطل ما قالوه.

يبين صحة هذا: أنهم قالوا إذا قال لها أن صعدت السماء فأنتِ طالق لم يقع الطلاق؛ لأن الصعود وإن كان مستحيلًا في العادة فغير مستحيل في القدرة.

بدليل: أن الملائكة تعرج إلى السماء.

فإن قيل: لو كان هذا المعنى في الأصل ما ذكرتم لوجب أن لا تنحل اليمين في الحال ولا تجب الكفارة؛ لأن المعنى الذي عقد عليه اليمين متوهم كونه كما لو كان فلان حيًا (١).

قيل: إنما يحنث في الحال؛ لأن الله تعالى قد أجرى العادة أن لا يحيى الموتى في الدنيا فعلم أن شرط البر في الحال وليس كذلك إذا كان حيًا؛ لأنا لا نعلم فوات شرط البر لجواز أن يقبله فيبر في يمينه (٢).

فإن قيل: فيجب أن يقولوا: أنه إذا وقَّته يحنث في الحال؛ لأنه علم فوات شرط البر (٣).

قيل: كذا يقول وأنه يحنث في الحال وهذا بناء على أصلنا في اليمين الموقتة تنعقد في الحال ولهذا قلنا لو حلف أن يضرب غلامه في غد فمات العبد من يومه حنث (٤).

فإن قيل: لما علم قوات شرط البر حال عقد اليمين في استحقاق الكفارة في الحال وجب أن يمنع صحة الانقياد لعلمنا بأنه ليس ههنا معنى يوجد في المستقبل.

قيل: فإن الشرط سبب في الحنث فلا يمنع مقارنة العقد كالرحم سبب في إزالة الملك ولا يمنع مقارنة العقد فأما الكذب فهو نفس الحنث فمنع العقد ورأيت بعض أصحاب أبي حنيفة يحكى في هذه المسألة روايتين:

أحدهما: أنه إن كان عالمًا بموته انعقدت يمينه وإن كان جاهلًا به قال: لم تنعقد؛ لأنه إذا كان عالمًا بموته فقد عقد يمينه على حياة يحدثها الله فيما بعد وإذا كان جاهلًا


(١) ينظر: الحاوي (١٥/ ٢٦٧)، المجموع (١٨/ ١٠).
(٢) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٥١٢) شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٣)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).
(٣) ينظر: التنبيه في فقه الشافعي (١/ ١٩٩)، الحاوي (١٥/ ٢٦٧)، المجموع (١٨/ ١٠).
(٤) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٥١٢). شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٣)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>