للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج بأنها يمين لو تأخر الحنث عليها وجب فيها الكفارة فوجب إذا قارنها أن تجب.

دليله: إذا قال: والله لأقتلن فلانًا، وفلان ميت أو ليصعدن السماء أو ليحولن هذا الحجر ذهبًا أو فضة أو هذه الأجرة ذرة، فإن الكفارة تجب في هذه اليمين كذلك ههنا (١).

والجواب: أنا لا نعرف عن أصحابنا في هذه المسائل رواية وربما امتنعوا من تسليم ذلك ويتوجه تسليم ذلك؛ لأن أحمد قد قال في رواية إسماعيل بن سعيد إذا قال لرجل والله لأقطعن يدك ورجلك فيه كفارة يمين فقد أوجب الكفارة، وإن كانت يمينة انعقدت على صفة يقارنها الحنث شرعًا، ولأنا قد حكمنا بصحة الإيلاء (٢)، من المجبوب (٣) ومن الرتقاء (٤)، وقد نص عليه هناك مع العلم بتعذر الفعل وهذا اصل لهذه المسألة فعلى هذا لا نقول أن الحنث يقارن في هذه المسألة بل يتأخر عنها، وذلك؛ لأنه عقد اليمين على معنى في المستقبل وهو إفاتة يحدثها الله فقال وهذا معنى معقول متوهم كونه فينعقد اليمين ثم يحصل الحنث لفوات شرط البر.

فإن قيل: لا فرق بين ما يستحيل في العادة وبين ما يستحيل في العقل وإحياء الموتى في هذه الدنيا مستحيل في العادة فوجب أن يسقط اعتباره في المستقبل.

قيل: لو كان كذلك لما صح وجوده كما لا يصح وجود ما يستحيل في العقل وقد علمنا أن الله تعالى أحيى قوما من الأمم السالفة وعرج بقوم إلى السماء وقلب الحجر


(١) ينظر: التنبيه في فقه الشافعي (١/ ١٩٩)، المجموع (١٨/ ١٠).
(٢) الإيلاء لغة: الحلف. يقال: آلى يولي إيلاء وألية.
واصطلاحا: الحلف على ترك وطء المرأة.
ينظر: مفاتيح العلوم (ص ٣٤)، العين (٨/ ٣٥٧)، المغني (٧/ ٥٣٦)، أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء (ص ٥٦).
(٣) الجب هو القطع، والجب: استئصال السنام من أصله. والاجتباب: استئصال الخصية، وجب خصاه: استأصله، ومنه المجبوب، وهو الخصي الذي استؤصل ذكره وخصياه. والذي قطع مذاكيره.
ينظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ١٢٩)، تهذيب اللغة (١٠/ ٢٧٢) تاج العروس (٢/ ١١٧). والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي (ص ٣٠٤).
(٤) الرتق: بفتح الراء والتاء مصدر ضد الفتق يقال: رتقت الفتق أرتقه، فارتتق، أي التأم، ومنه: امرأة رتقاء، لا يستطاع جماعها لارتتاق ذلك الموضع منها، يعني ملتصقا لا يدخل الذكر فيه.
ينظر: الصحاح (٤/ ١٤٨٠)، المبدع (٧/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>