للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنا إذا حملنا قراءة التخفيف على القصر أوجب حمل الكلام على التكرار وذلك أنه قال: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] والمراد به: الغموس فلو حملنا قوله بما عقدتم على المقصودة في الماضي لكان فيه تكرار وهذا لا يجوز على أنا لو سلمنا لهم ذلك لم يضرنا؛ لأن قراءة التثقيل لا تحتمل إلا وجهًا واحدًا وقراءة التخفيف تحتمل وجهين ومن شأن المحتمل أن يحمل على ما لا يحتمل (١).

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، وهذا عام في كل يمين وهذه تسمى يمينًا (٢).

قيل: الآية لا تتناول يمين الغموس من وجهين:

أحدهما: إجماعنا على أن فيها إضمارًا وهو الحنث؛ لأن الكفارة لا تجب بمجرد اليمين وإنما تجب بالحنث فيحصل تقديرها ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم وليس الحنث إلا في اليمين المعقودة.

والثاني: قوله تعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، وحفظ اليمين من إيجاب الكفارة والغموس لا يمكن حفظها لوقوعها على وجه واحد.

فإن قيل: حفظ اليمين أن لا يحلف قال كُثير (٣):

قليل إلا لا يا حافظ ليمينه … إذا بدرت منه الآلية (٤) برَّتِ

وقال آخر (٥).

احفظ لسانك لا تقول فتبتلي … أن البلاء موكل بالمنطق (٦)


(١) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٣)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).
(٢) ينظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٠)، الإقناع (١/ ١٨٩)، التنبيه في فقه الشافعي (١/ ١٩٩)، الحاوي (١٥/ ٢٦٧)، المجموع (١٨/ ١٠).
(٣) ينظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص ٦١)، ولم أجد للشاعر ترجمة فيما بين يدي من الكتب.
(٤) الألية: يؤلي إيلاء إذا حلف ينظر: جمهرة اللغة (١/ ٣٤٦)، تهذيب اللغة (١٥/ ٣١٠).
(٥) ينظر: المحاسن والأضداد (ص ٤٢) شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات (ص ٤٢٠).
(٦) لم أقف على ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>