للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا يصح أن يقال احفظ يمينك وليس هناك يمين كما لا يصح أن يقال احفظ مالك وليس هناك مال وقول الشاعر حجة عليهم لأنه وصفه بالحلف بقوله قليل الألايا، وبقوله: إذا بدرت منه الإلية برَّتِ إلا أنه أخبر إذا حلف حفظ يمينه حتى يبر فيها ولا يحنث وأما قوله: احفظ لسانك فهو حجة عليهم أيضًا؛ لأنه لا يصح أن يقال احفظ يمينك وليس له يمين (١).

فإن قيل: لو سلمنا لكم أن قوله: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] راجع إلى اليمين المعقودة لم يمنع ذلك من اعتبار العموم في قوله ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم؛ لأنه لا يمتنع أن يكون أول الآية عامًا وآخرها خاصًا كما قلنا في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧].

أن وجوب نصف المهر عام في كل مطلقة وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ خاص في بعض المطلقات وهي الكبيرة وخصوص قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ لم يوجب تخصيص قوله: ﴿وَإِنْ طَلَقْتُمُوهُنَّ﴾، وكما قلنا في قوله: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] ثم قال بعد ذلك: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] يعني المرجعيات (٢).

قيل: إذا ثبت أن الثاني راجع إلى الأول فالظاهر أن حكمه حكمة ومتى لا يحمل على موافقة الأول كان مخالفًا للظاهر وهذا لا يجوز إلا بدليل (٣).


(١) ينظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (٤/ ١٦٨) شرح منتهى الإرادات (٣/ ٢٥٨)، كشاف القناع (٥/ ٥١٢)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).
(٢) ينظر: التنبيه في فقه الشافعي (١/ ١٩٩)، الحاوي (١٥/ ٢٦٧)، المجموع (١٨/ ١٠)
(٣) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٣)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>