للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدلالة: أن الحنث لا يكون باليأس من الفعل حتى بمضي اليوم وإن كان اليأس موجودًا بأول النهار، ولأن المنعقدة ما يترقب فيها البر والحنث نحو قوله: والله لا أكلت لا شربت فأما ما لم يترقب فيها ذلك فهي غير منعقدة ألا ترى أنه لو قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت طالق لم تطلق في الحال؛ لأن الحنث مترقب، ولو قال أنت طالق أو قال لعبده: أنت حر وقع في الحال؛ لأنه لا يترقب فيها ولا حنث (١).

فإن قيل: لو لم يكن يمينًا منعقدة لم يطلق عليها اسم اليمين وقد قال تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ٧٤].

وقال: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾ [التوبة: ٥٦].

وقول النبي : "اليمين الغموس تذر الديار بلاقع" (٢).

قيل: نحن نطلق عليها اسم اليمين لكن يمينًا غير منعقدة كما يطلق ذلك على يمين اللغو (٣).

واحتج المخالف: بقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: ٨٩].

والعقد: هو القصد إلى اليمين ومنه قول الشاعر (٤):

خطرات الهوى تروح وتغدو … ولقلب المحب حل وعقد

والقصد موجود في اليمين الغموس إلا أنها لا تنعقد بحكم الشرع لوقوعها على فعل ماض والله تعالى علق المؤاخذة باليمين المعقودة لا باليمين المقصودة لا باليمين


(١) ينظر: بدائع الصنائع (٣/ ٢٢)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٦٢).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٢٦٧)، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٠)، الإقناع (١/ ١٨٩)، التنبيه في فقه الشافعي (١/ ١٩٩)، المجموع (١٨/ ١٠).
(٣) ينظر: الحاوي الكبير (١٢/ ٥٠)، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (٤/ ١٦٨)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٢٥٨)، كشاف القناع (٥/ ٥١٢). شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٣)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).
(٤) ينظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص ٦٧)، ولم أجد لصاحب هذا البيت ترجمة فيما بين يدي من كتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>