للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدليل: حقوق الله من العبادات والنذور ولا يلزم ولا يثبت حكمها عنه عدم القصد ويثبت مع القصد.

قيل: لا نسلم لك هذا؛ لأن اللغو عندنا ما كان على الماضي دون المستقبل سوءا قصده أو لم يقصد (١) وعلى أن الأصول قد سوت بين القصد وعدمه فيما يرجع إلى الكفارة (٢).

بدليل: القتل سوى بين الخطأ وبين عمد الخطأ في إيجاب الكفارة كان يجب أن يسوى بينهما ههنا (٣).

وجواب آخر: وهو أن عدم القصد في يمين اللغو ليس هو المسقط للكفارة لكنه منع انعقادها فلم تجب الكفارة لفقد الانعقاد وهذا المعنى موجود في مسألتنا؛ لأن اليمين لم تنعقد أيضًا وتنبني المسألة على أن يمين الغموس غير منعقدة (٤).

ويدل عليه: بأن ما يطرأ على العقد مما يحله إذا قارنه منع انعقاده كالرضاع والردة في النكاح وهلاك البيع كذلك ههنا لما كان طريان الحنث يحل اليمين يجب أن يمنع انعقادها (٥).

يبين صحة هذا: حال الاستدامة في البقاء أكد من الابتداء ثم ثبت إن ذلك ينافي الاستدامة فأولى أن ينافي الابتداء ولا يلزم عليه إذا قال: والله لأقتلن فلانا وفلان ميت عالم بموته أنه لا يمنع انعقاد اليمين؛ لأن الحنث ههنا لم يقارن اليمين بل تأخر عنها وذلك أنه عقد اليمين على معنى في المستقبل وهو إفاتت حياة يحدثها الله تعالى وهذا معنى معقول متوهم كونه فينعقد اليمين ثم يحصل الحنث لفوات شرط البر ولا يلزم عليه إذا حلف ليصعدن السماء وليقلبن الحجر ذهبًا؛ لأن الحنث يتأخر عن هذه اليمين (٦).


(١) ينظر: المقدمات الممهدات (١/ ٤٠٨).
(٢) ينظر: الفروع (١٠/ ٤٤٩)، شرح الزركشي (٧/ ١١٢)، الإنصاف (١١/ ٢٧).
(٣) ينظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (٤/ ١٦٨)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٢٥٨)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٣)، المحرر (٢/ ١٩٧)، الروض المربع (١/ ٤٩٦)، كشاف القناع (٦/ ١٢١).
(٤) ينظر: العدة شرح العمدة (ص ٥٠٩)، الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ١٨٢).
(٥) ينظر: المبسوط (٨/ ١٢٨)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٨٨١)، الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦٧) المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٣/ ٤٤).
(٦) ينظر: تحفة الفقهاء (٢/ ٢٩٣)، بدائع الصنائع (٣/ ١١)، مواهب الجليل (٣/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>