للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن معنى العلة يفسد بقوله لأمته: أنت علي حرام فإنه محدث مخلوق والكفارة متعلقة بهذا القول وإن لم يكن يمينًا عندهم وهي عندنا يمين ولهذا يتعلق بسائر الأيمان إذا حرمها وينكس أيضًا بالنذر وهو إذا قال: إن فعلت كذا فعلي نذر ثم لا نسلم أنه حلف بمحدث أو مخلوق؛ لأنا قد بينا أن مضمون يمينه الحلف بالله؛ لأن تقديره تركت حرمة الله وتعظيمه بالكفر إن فعلت كذا وأما فعل المعاصي من شرب الخمر والقتل وترك العبادات من الصلاة والصيام والحج والحلف بالكعبة والسماء لا يصير به متبرئًا من عبادة الله فلهذا لم يكن به حالفًا وههنا يصير متبرئًا من عبادة الله فنظيره أن يتبرأ من اعتقاد العبادات ويستحل فعل المعاصي فيكون حالفًا (١).

فإن قيل: علة الأصل تبطل به إذا حلف باسم الله فقال: والله لا فعلت كذا فإنه لا يصير بذلك متبرئًا من عبادته وتجب الكفارة (٢).

قيل: إنما تجب الكفارة هناك بهتك حرمة الاسم لا بمجرد اليمين وهذا المعنى موجود ههنا؛ لأن تقديره تركت حرمة الله وتعظيمه بالكفر (٣).

فإن قيل: علة الفرع لا نسلمها؛ لأنه إذا قال هو يهودي إن فعل كذا لا يصير به متبرئًا وإن فعل المحلوف عليه (٤).

قيل: إذا انضم إلى ذلك اعتقاد صار متبريًا بلا خلاف وإنما لا يصير متبرئًا إذا أخرجه مخرج للقسم من غير اعتقاد ونحن لم ندع البراءة في مسألتنا وإنما ادعينا ذلك عند انضمام النية إليه كما قلنا في اسم الله تعالى وإذا تبرأ منه صار متبرئًا بانضمام الاعتقاد إليه (٥).


(١) ينظر: المحيط البرهاني (٣/ ٤٤٢)، البحر الرائق (٤/ ٣١٨)، المدونة (١/ ٥٨٢)، شرح الزركشي (٧/ ٨٦)، الهداية (١/ ٥٥٨)، الإقناع (٤/ ٢٩٨).
(٢) ينظر: التنبيهات المستنبطة (٢/ ٤٥٩)، مواهب الجليل (٣/ ٢٧٨)، البيان (١٠/ ٥٠٤).
(٣) ينظر: المبسوط (٦/ ٢٢٦)، تبيين الحقائق (٦/ ١٩٩)، الإقناع (٤/ ٢٩٨)، المغني (٩/ ٥٠٧).
(٤) ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٠/ ٥٠٠)، الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦١). سنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٢).
(٥) ينظر: شرح الزركشي (٧/ ٨٦)، الهداية (١/ ٥٥٨)، الإقناع (٤/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>