للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: الكفارة لا تجب لذكر الله، وإنما تجب لهتك حرمة الاسم؛ ولهذا لا تجب ما لم يحنث، والاسم موجود على أن في مضمون هذه اليمين الحلف بالله تعالى؛ لأن قوله: هو يهودي إن فعل كذا. تقديره: تركت حرمة الله وتعظيمه ومراعاة حقه إن فعلت كذا؛ لأن اليهودية حرمت لهذا المعنى فبان أن هذه اليمين تنتظم حق الله - تعالى - ومراعاة حرمته ولا فرق بين أن يكون ذلك في لفظه أو في معنى كلامه، ألا ترى أنه لو قال: علي يمين إن فعلت كذا لما كانت اليمين تكون بالله تعالى صار كأنه ذكر اسمه (١).

ويبين صحة هذا: وأن في مضمون هذه اليمين: أنه لا يجوز أن يرد الشرع باستباحة الكفر بالله تعالى، كما لا يجوز أن يرد استباحة الاستخفاف باسم الله تعالى، لم يبطل هذا بقوله لأمته وزوجته: أنت علي حرام. لم يأت باسم القسم به، ومع هذا تلزمه الكفارة. وأيضًا فإن القسم تعظيم للمقسم به أن لا يكون منه ما حلف عليه، فإذا قال: هو كافر إن فعل كذا. فكأنه قال: هو بريء من عبادة الله إن فعل كذا. والعبادة لا يستحقها غير الله تعالى، فإذا عقد يمينه بضرب من التعظيم لا يستحقه غير الله تعالى، وأكذبه الخبر كان يمينًا كقوله: والله (٢).

فإن قيل: لو قال: إن فعلت كذا، فأنا شاربٌ خمرًا وآكل ميتة. أو: تارك الصلاة والصيام والزكاة والحج. لم يكن يمينًا (٣)، وإن كان تقديره: إن فعلت كذا، فأنا بريء من عبادة الله. يعني: لا أعبده بالامتناع من شرب الخمر، وإتيان سائر العبادات (٤).

قيل له: شارب الخمر، وتارك الصلاة والزكاة لا يكون كافرا، فنظيره أن يقول: أنا مستحل لشرب الخمر وأكل الميتة، أو ترك الصلاة والزكاة، إن فعلت كذا. فيكون يمينًا (٥).


(١) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦٣)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٢)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٢١).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦٣)، كفاية الأخيار ص (٥٤٢)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٢).
(٣) ينظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٢).
(٤) ينظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (٤/ ٢٤٢)، الحاوي الكبير (١٥/ ٢٦٥).
(٥) ينظر: المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>