للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج: بما روى أحمد في مسائل عبد الله، بإسناده عن عمرو بن شعيب (١) عن أبيه (٢) عن جده (٣) أن النبي سئل عن العقيقة فقال: "لا أحب العقوق" ثم قال: "فإذا ولد لأحدكم مولود وأحب أن ينسك عنه فليفعل عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة" (٤) فلو كانت سنة لأمر بها ابتداء وترغيبًا فيها ولما علق ذلك بمحبتنا كسائر السنن ألا ترى أنه لم يقل من أحب أن يصلي ركعتي الفجر فليفعل كذا بل رغب فيها، وحث عليها ابتداء فقال: صلوهما فإن فيهما الرغائب، وقال: صلوهما ولو طردتكم الخيل (٥).

والجواب: أنه لا يمتنع أن تكون سنة مؤكدة ويعلقها بمحبتنا واختيارنا كما قال : "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشرته شيئًا" (٦) فعلقها على إرادته وهي سنة مؤكدة (٧).

وجواب آخر: وهو أنه إنما قال: وأحب أن ينسك ليبين أنه ليس بواجب عنه خلافًا لمن أوجبه (٨).

والدليل: على ذلك أنه سماه نسكًا والنسك هو: القربة والطاعة والناسك هو المتقرب إلى الله ﷿ المطيع لله، فدل على أن العقيقة طاعة مستحبة وقربة مرغب فيها وأما ركعتا الفجر فيحتمل أن يكون قد ترك هذا اللفظ فيهما؛ لأنه قد بين ما يدل على أنهما ليسا بواجبتين فقال للسائل: "خمس صلوات كتبهن الله على عباده فقال السائل: هل عليّ


(١) سبقت ترجمته (١/ ٩٢).
(٢) سبقت ترجمته (١/ ٤٠٤).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٤٠٤).
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب العقيقة، رقم (٢٨٤٢). والنسائي في كتاب العقيقة، رقم (٤٢١٢)، وأحمد في مسنده، رقم (٦٧١٣)، والطحاوي في مشكل الآثار، رقم (١٠٥٥)، والحاكم في المستدرك، رقم (٧٥٩٢)، والبيهقي في الكبرى، رقم (١٩٣٠١). وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
(٥) أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة في كتاب الصلاة، باب في تخفيفهما رقم (١٢٥٨)، وأحمد في مسنده رقم (٩٢٥٣) وضعفه الألباني في كتاب: ضعيف أبي داود (٢/ ٤٣).
(٦) سبق تخريجه (٢/ ٣٠٤).
(٧) ينظر: شرح الزركشي (٣/ ٢٩٠)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٢١)، الشرح الكبير على متن المقنع (٣/ ٥٨٥)، العدة (ص ٢٧٣).
(٨) ينظر: شرح الزركشي (٣/ ٢٩١)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٢٢١)، الإنصاف (٤/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>