للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبين صحة هذا: أنّ من ترك واجبًا لا يوجب المنع من غيره ولا يمنع ترك الأضحية من حضور المصلى للصلاة وجحد إحديهما يوجب جحد الأخرى (١).

واحتج: بما روى الأسود بن قيس بن جندب (٢) قال: شهدتُ النبي يوم النحر مرّ بقومٍ قد ذبحوا قبل الصلاة فقال: "من ذبح قبل الصّلاة فليُعد"، وفي بعضها بهذا الإسناد: "من كان ذبح قبل أن يُصلّي فليُعد أُخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح" (٣).

وروى البراءُ بن عازبٍ (٤) أن النبي خرج يوم العيد فقال: "إنّ أوّل نُسُكنا في يومنا الرّميُ، ثُمّ الذّبحُ، فمن ذبح قبل الصّلاة فليُعد أُضحيتهُ، فإنّما تلك شاةُ لحمٍ عجّلها لأهله". فقام أبو بُردة بن نيار (٥) فقال: إني ذبحتُ قبل الصلاة؟ فقال: "أعد أُضحيتك"، فقال: عندي الجذع من المعز، فقال: "اذبحها، فإنّها تُجزئُ عنك ولا تُجزئُ عن أحدٍ بعدك" (٦).

وقوله: "أعد" أمر، والأمر على الوجوب (٧).

والجواب: أنه يحتمل أن يكون أمره بدرهم استحبابًا لا إيجابًا، وليس يمتنع أن تكون مستحبة، ويشترط فيها شرائط الوجوب من الوقت وغيره كما أن الفقير عندهم لا تجب عليه، فلو ضحّى اعتبر فيه شرائط الوجوب، وكذلك صلاة التطوع يعتبر فيها شرائط


(١) ينظر: الروض المربع (١/ ١٩٧)، الكافي في فقه أحمد (١/ ٥٤٦).
(٢) هو الأسود بن قيس العبدي، وقيل: البجلي، أبو قيس الكوفي (روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه). روى عن: أبيه، وثعلبة بن عباد، وجندب بن عبد الله البجلي، وغيرهم، وروى عنه: شعبة، والثوري، وشريك، وغيرهم. قال ابن معين، والنسائي: ثقة، وذكر ابن حبان في الثقات.
ينظر: تهذيب الكمال (٣/ ٢٢٩، ٣٣٠) تهذيب التهذيب (١/ ٣٤١).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب قول النبي فليذبح على اسم الله، رقم (٥٥٠٠)، ومسلم في كتاب الأضاحي، باب وقتها، رقم (١٩٦٠)، من حديث الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان البجلي ، قال: ضحينا مع رسول الله أضحية ذات يوم، فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة، فلما انصرف، رآهم النبي أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال: "من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله".
(٤) سبقت ترجمته (١/ ١٨٦).
(٥) سبقت ترجمته (١/ ١٠٩).
(٦) أخرجه البخاري من حديث البراء بن عازب في أبواب العيدين، باب الأكل يوم النحر، رقم (٩٥٥)، ومسلم في كتاب الأضاحي، باب وقتها، رقم (١٩٦١).
(٧) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٦٢)، العناية شرح الهداية (٩/ ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>